من حق الطفل الصغير الذي يحاول دائماً اكتشاف وفهم ما يجري من حوله أن يعطى أسلوباً خاصاً للتعامل معه, من أجل مساعدته على أن يكبر وينشأ بالشكل الصحيح دون أن يتأثر بأي مؤثرات قد تنعكس سلباً على شخصيته وفهمه للأمور من حوله.

وبما أن الطفل يكون فكرة عن نفسه من خلال ما يقوله الآخرون عنه, وعلى ضوء معاملتهم معه, وخاصة إذا كان هؤلاء هم الأباء, لهذا فإن التنشئة العائلية الصحيحة تساعد الطفل على بناء تقدير مرتفع للذات لديه.

ومن هذا المنطلق يتوجب على الآباء والعاملين في مجال الطفولة الاهتمام بالأمان العاطفي لدى الطفل, لما له تأثير كبير على الصحة العقلية والنفسية, وهو يؤمن في الوقت نفسه علاقة ورابطة قوية بين الطفل والشخص الذي يهتم به, لأن عناصره الأساسية التي يقوم عليها هي المحبة والقبول والتقدير, التي تستطيع أن تؤمن للطفل نمواً صحيحاً بعيداً عن الانحرافات النفسية والسلوكية.

ومن الملاحظ أن الأطفال الذين لم يعيشوا في ظل عطف أسري كاف, كانوا أقل أمناً, وأقل ثقة بالنفس, وأكثر قلقاً من أولئك الذين يعيشون في كنف عطف أبوي مستمر وفعال.

كما أن هناك ارتباط قوي بين الشعور بالأمان العاطفي, ونمو المقدرة العقلية والقدرة على التحصيل الجيد لدى الأطفال.

ونجد أن الأطفال المحرومين من الأمان تكون علاقتهم جيدة مع معلماتهم كنوع من التعويض عن النقص الذي يعانوه, وهم يمتلكون عواطف إيجابية ويظهرون المحبة, ولكنهم في الوقت نفسه يعانون من بعض المشكلات السلوكية.

كما أشارت بعض الدراسات إلى وجود علاقة قوية بين إصابة الأم بالاكتئاب وبين درجة شعور أطفالها بالأمان العاطفي, فكلما كان اكتئاب الأم مرتفعاً كان أطفالها أقل أمناً من الناحية النفسية.

وأيضاً إن عودة الأم للعمل قبل بلوغ طفلها التسعة أشهر قد يؤثر على قوة العلاقة العاطفية ودرجة التقارب بين الطفل وأمه, فالطفل في فترة الطفولة المبكرة بالذات يحتاج إلى دفء في العاطفة وثبات في المعاملة.