عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
احرص اولا على ان تفهم الناس ثم ان يفهموك
لكي تقوم بتشخيص حالة إنسان ما أو موقفه أو مشكلته تشخيصا صحيحا، عليك أن تمارس الاستماع التعاطفي أولا. قبل تقديم النصيحة لشخص ما، علينا أن نحدد دوافع أو ظروف أو حالة هذا الشخص أولا. وعلينا أن نأخذ في الاعتبار الوقت والجهد الضروريين لممارسة "التشخيص قبل العلاج." فالطبيب الماهر يقوم بتشخيص المرض قبل أن يقدم وصفة بالعلاج. والمهندس يحدد القوى والضغوط المرتبطة بالأرض والتضاريس والمواد قبل تصميم الجسر.
يستمع الناس بدرجات مختلفة. الاستماع جزء مهم، لكنه للأسف يتعرض للإهمال في عملية الاتصال. ومعظم استماعنا يحدث عند المستويات الأربعة الأولى (التجاهل، التظاهر بالاستماع، الاستماع الانتقائي، والاستماع بانتباه). أما الاستماع التعاطفي، أي المستوى الخامس، فهو المستوى الوحيد الذي يسمح للمستمع بالتشخيص والفهم السليم للطرف الآخر.
الاستماع التعاطفي ضروري وحيوي تحت ظروف معينة. الاستماع التعاطفي مهم دائما، لا سيما في الظروف التالية: عندما يحمل التفاعل شحنة عاطفية وانفعالية قوية؛ عندما تكون العلاقة متوترة أو الثقة غير متوافرة؛ عندما نكون غير متأكدين من فهم الآخرين لنا؛ عندما تكون المعلومات معقدة أو غير معروفة لنا؛ عندما نكون غير متأكدين من ثقة الشخص الآخر بفهمنا له.
الاستجابة النابعة من السيرة الذاتية تحول بيننا وبين الفهم الصحيح. عندما نستمع إلى الآخرين نميل إلى غربلة ما نسمعه من خلال خبراتنا وتجاربنا. إذ تشكل خلفياتنا وتاريخنا أدوات فرز نابعة من سيرتنا الذاتية. نقوم بتفسير كلمات ومشاعر الناس لكي تناسب آراءنا وخبراتنا وتجاربنا. وعندما نجيب على ما قالوه فإننا في الحقيقة نقوم بإخبارهم بما كنا سنفعله لو كنا في مكانهم. لكننا لا نخبرهم بما يجب أن يقوموا به.
كم مرة سمعت نفسك تقول: "لو أنا في مكانك ...؟" هذا النوع من الإجابة يمنعنا من فهم الطرف الآخر فهما صحيحا. تأخذ الإجابة النابعة من الذات واحدا من الأشكال التالية: النصح وإلقاء الأسئلة والتفسير والتقويم.
يساعدنا الاستماع بالعين والأذن والقلب على فهم المشاعر والمعاني والمحتوى. التعبيرات والحركات غير المنطوقة مهمة للغاية عندما نحاول أن نفهم شخص آخر. فالاستماع بالعين والأذن والقلب ينبهنا إلى المفاتيح غير المنطوقة مثل نبرات الصوت وملامح الوجه ولغة الجسد بحيث يمكننا فهم المشاعر والمعاني بالإضافة إلى المحتوى.
الإجابة التعاطفية هي فهم عميق لإنسان آخر. ليس لب الإجابة التعاطفية أن تتفق مع شخص ما، أو أن نختلف معه، ولكنه يعني أننا نفهم الإنسان الآخر بعمق، عاطفيا وذهنيا وثقافيا. فالاستجابة التعاطفية تحدث عندما نضع أنفسنا مكان شخص آخر، ونمر بنفس المشاعر التي مر بها. لا يعني هذا أننا بالضرورة نتفق معه كما في العطف لكنه يعني أننا نفهم وجهة نظر الطرف الآخر. هدف الاستجابة التعاطفية، إذاً، هو الفهم العميق لشخص آخر، ذهنيا وعاطفيا، ومعايشته في مواقفه العاطفية والفكرية.
الاستجابة التعاطفية تمنح الآخرين فرصة التنفيس عن مشاعرهم. تسمح الاستجابة التعاطفية للناس بالتعبير عن مشاعرهم واختبارها حسب إيقاعهم الشخصي وفي الاتجاه الذي يرغبونه.
مهارة الاستجابة التعاطفية تحتاج لمران وتدريب وممارسة. تمزج الاستجابة التعاطفية بين عدة مهارات، تتضمن فهم المشاعر، والمفاتيح غير المنطوقة، وصياغة الاستجابة الحميمة بوضوح ومؤازرة. ولكن الاستجابة الحميمة تحتاج بعد كل هذا إلى مران وتدريب وممارسة.
الاستجابة التعاطفية ليست مناسبة في كل الأحوال. في بعض الأحيان لا شيء يجدي سوى الصبر والصمت. وفي كثير من تفاعلاتنا لا تنفع سوى استجابات تعاطفية. أحيانا يبدو وكأن لا شيء يؤتي ثماره. فالاستجابة التعاطفية هي فقط إحدى الأدوات التي تساعدنا على فهم الآخرين.
الوجه الآخر لفهم الآخرين هو أن تجعلهم يفهمونك. بعد أن نفهم الآخرين، نبدأ في البحث عمن يفهمنا. ويقترب الآخرون من فهمنا إذا عرضنا أفكارنا بوضوح، وتحديد، وفي إطار فهمنا العميق لهمومهم ونماذجهم الإدراكية. وكما في أسلوب إنفع نفسك وانفع الناس، تقوم هذه العادة بإيجاد توازن بين الشجاعة ومراعاة الآخرين. ففي حين يتطلب فهم الآخرين مراعاتهم، يتطلب فهم الآخرين لك شجاعة من جانبك.
المفضلات