عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 24
افتراضي كيف نتعلم من النبات
تعلم من النبات تعلم من النبات الشجرة مخلوق شريف لا تضرّ غيرها من الأحياء ، وليست عالة عليهم , فغذاؤها من الجماد ، وفوق ذلك هي التي تعول الأحياء في طعامهم وطاقتهم التي تأخذها من الشمس , وليست تتحرّك ولا تفترس ولا تخرّب ، بل تقدّم الأكسجين والدفء والمأوى والظلال والدواء والطعام لغيرها من الأحياء. " هي أمهم الكبرى " تفيدهم حتى بعد أن تموت , وتبقى رائحتها طيبة حتى بعد موتها , تعلّم منها الثبات في الأرض والوطن ، وتعلّم الهدوء والعطاء والبقاء حتى في أقسى الظروف ، فلا هي تغادر مكانها بل تتأقلم مع البيئة التي تنبت فيها ولا تهاجر , وتسخّر طاقاتها المحدودة حينئذ بإخراج الثمرة التي تحمل البذور ، فيأكلها الإنسان أو الحيوان جزاء نقله البذور. " وكم رأيت ثمرة معلقة على غصن أجرد " ومن ناحية أخرى ، فالشجرة لا تهاجم بل تقاوم وتحني رأسها للريح حتى تمر ولا تعاندها ، ثم تعود لوضعها السابق , ورغم ذلك تموت واقفة , ومجهودها في حياتها موجّه لغاياتها فقط وهي " البقاء و العطاء " ويؤذيها الأحياء من إنسان وحيوان و تقاوم بالصبر والانتشار ، والشجرة تقدم الجمال والغذاء (الجمال مثل الوردة) (والغذاء مثل التمر) جزاء نقل بذورها لكي تنتشر لتعطيهم من جديد . وبسبب كل تلك الصفات ، صار وجودها هو الأهم للحياة من وجود غيرها ، وصار النبات من أكثر سكان الأرض عدداً وأحسنهم أخلاقاً وأكثرهم عطاءً . بلا شك أن ما قدمت لنا الشجرة أفضل مما نعطيها ، هذا الكرم وهذه السجايا من سمات الإنسان الخيِّر الذي يشبه الشجرة , الشجرة لا تتألم ولا تشتكي , والذي يريد الحب فليكن مثل الشجرة , والشجرة تستفيد وتفيد من أسوأ ما عند الأحياء وهو السماد ، وهو بقاياهم وجثثهم , فهم يعطون الشجرة أسوأ إنتاجهم ، وتعطيهم أحسن ما لديها , وإذا قُلّمت الشجرة تزيد أغصانها وتقوى جذوعها وتزداد قوة أكثر من قبل ، وتُوْرِق أكثر , وتُخْرِج البراعم من غير الأماكن التي قطعت منها , فهي لا تعرف اليأس أبداً
المفضلات