الحماس هو الوقود الذي يحرك المحرك....الحماس الملتهب مع الإصرار الجامح هو ما يحقق النجاح... وهو الذي يحرك حياتنا للأمام ولمزيد من النجاح والتقدم.
والحماس هو القوة الدافعة التي تساعدنا على تحقيق أهدافنا، كما هو الطريق المؤدي إلى القوة المشتعلة التي تفجر القدرات اللا محدودة.. وفي هذا الموضوع ستكتشف كيف ترفع من مستوى حماسك، وكيف تحافظ عليه حتى يكون الوقود الإيجابي للوصول إلى الامتياز.
وهذا بالاستعانة بمحاضرة لخبير التنمية البشرية والمحاضر العالمي الدكتور إبراهيم الفقي.
إن الحماس ليس له وزن أو شكل بل هو قوة معنوية، ويمكن تعريفه بأنه عبارة عن قوة معنوية تبث النشاط والعزم في نفس الإنسان، وتدفعه لإنجاز نشاط محدد، لتحقيق أهداف يرغبها.
أنواع الحماس
يقسم د. إبراهيم الفقي الحماس إلى 11 نوعاً، هي: حماس تام، حماس الضرورة، الحماس الروحاني، الحماس الصحي، الحماس الذهني، الحماس العاطفي، حماس التقدير، حماس الإنجاز، الحماس المهني، الحماس المادي، الحماس الخيالي.
فالحماس التام يوجد لدى الطفل في سنوات عمره الأولى، يدفعه نحو التحرك هنا وهناك للاكتشاف والمعرفة، فالطفل ليس في حاجة إلى تعلم الحماس، وحماس الضرورة فيظهر في حالة الخطر، عندما يتعرض الإنسان إلى ما يهدده بالأذى أو الموت، فتندفع قوة من الحماس بداخله بهدف النجاة، تساندها عوامل فسيولوجية (أدرينالين الغدة الكظرية الذي يساعد على استنفار أعضاء الجسم).
الحماس الروحاني: وهو الحماس الذي تبثه في النفس العبادات والأعمال التي يتقرب بها الإنسان إلى الله سبحانه وتعالى، والقوة الروحانية للعبادة هي المصدر الدائم الذي لا ينفد للحماس.
الحماس الصحي:
وهو الناتج عن النشاط الرياضي وما يبثه في النفس من مشاعر القوة والحماس أو الناتج عن اتباع إرشادات صحية للمحافظة على سلامة ورشاقة الجسم.
أما الحماس الذهني:
فيتمثل في إنتاج الأفكار القوية التي تسيطر على ذهن الشخص، فحياتك من صنع أفكارك (كما قالت هيلين كلر)، والفكرة بالغة الخطورة في حياة الإنسان، فقد خلق الله تعالى المخ البشري بآلية عمل تسير تجاه ما يبث فيه من أفكار، مع تكرارها مرة بعد أخرى.
والحماس الذهني يجب أن يدعم بخطوات ضرورية مثل: الرغبة، القرار، التعليم، الفعل الإستراتيجي المزود بالقيم والعدل، وذلك حتى تتكلل جهودك بالنجاح.
الحماس قوة وروعة
الحماس العاطفي:
وهو من أقوى أنواع الحماس، وينبع من عاطفة الحب تجاه الجنس الآخر، ويزود الإنسان بقوة تساعده على التفاعل الصحي والسليم والمثمر مع كل من حوله من أشخاص، علاقات، أعمال.
أما حماس التقدير، فيرى د. الفقي إلى ما أكده "وليم جيمس" أبو علم النفس الحديث من أن الحاجة للتقدير هي إحدى أهم الحاجات الأساسية للإنسان، فكل إنسان يحتاج إلى الشعور بأنه محبوب ومقدر من الآخرين، ويقابل عمله بالشكر غير أنه حذر من "الحماس السلبي"، الذي ينتظر صاحبه التقدير، فقد يصاب صاحبه بالإحباط في حالة عدم وجوده (التقدير)، مؤكدا أن الشخصية الواثقة لا يؤثر في معنوياتها عدم التقدير لمجهوداتها.
حماس الإنجاز:
أثبتت الدراسات العلمية النفسية أن الحاجة للإنجاز، حاجة ضرورية للإنسان ولسلامه النفسي، فالإنجاز يشعر الإنسان بقيمته في الحياة ويدفعه إلى تطوير أدائه والارتقاء بذاته.
ويرى الدكتور الفقي إن الأحاسيس هي وقود الإنسان، وعليك أن تلتزم بالتالي: أنجز مع الله، أنجز في صحتك، أنجز في علاقاتك، مذكرا بقوله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون...... الآية) (التوبة: 105) سبحانه سيرى ما تقوم به من عمل.. فقدم نفسك.
وأضاف الفقي أن عدم الإنجاز، وتكرار ذلك يصيب صاحبه بالاكتئاب، ما يكون عقابه الحقيقي.
أنت المسئول
أنت المسئول عن عملك وإنجازك فيه أو عدم إنجازك، احذر الاكتئاب أو الحساب الإلهي، وهنا نشير إلى ضرورة تعليم الأبناء المسئولية، فالطفل يجب أن يتعلم منذ نعومه أظفاره، المسئولية وأنه مسئول عن أفعاله، في حالة إهماله أو تفريطه أو أخطائه، هو وحده الذي يتحمل مسئولية ذلك. (مثل إهمال التلميذ في المذاكرة، فسوف يحيق الفشل به وحده).
الحياة المتزنة
حتى يحقق الإنسان الاتزان في حياته يجب أن يوازن بين جوانبها جميعا، فهناك جوانب عديدة لحياة الإنسان: مهني، روحاني، أسري، شخصي, هذا التوازن يكسب الإنسان قوة وروعة داخلية، يواجه بها التحديات، فلو لم توجد تحديات في الحياة لأصيب الإنسان بالاكتئاب، وهناك أقوال لشخصيات تاريخية طموحة، مثل قول هانيبال: "لو لم أجد طريقا للنجاح فسأصنع الطريق "، وقول فورد: " لو تأخر علي النجاح، سأمضي بدونه".
الحماس المهني: وهو اتجاه الشخص بكل قواه نحو عمل معين أو مشروع معين يحبه.
الحماس المادي: وهو الرغبة الكبيرة في جمع المال واكتنازه، والتحرك بقوة في كل الاتجاهات من أجله، وحذر د. إبراهيم الفقي من أن المال يمكن أن يدمر صاحبه، مشيرا إلى ما روي عن أحدهم قوله: "أنا أغنى من ملك فرنسا، فالقليل يكفيني ولا يكفيه"، في إشارة إلى القناعة وإلى أن الغنى غنى النفس.
الحماس الخيالي: وهو الصورة التي يرى بها الشخص ماضيه وحاضره، حيث يتحول فيها الماضي غير السعيد إلى مهارة بتغيير الإدراك له.
ويقول د. إبراهيم الفقي إن الماضي انتهى ومن غير المنطقي استمرار الألم منه، أُخرج من دائرة الخبرات المؤلمة ولا تستمر في التحرك داخلها، هذا أمر غير منطقي لأنك قد أصبحت في مكان وزمان مختلفين عن ما مضى وانتهى، انظر إلى يومك وعشه كأنه آخر يوم في حياتك.
ماذا لو فقدنا الحماس؟
يؤدي فقدان الحماس إلى الاتجاه إلى التفكير السلبي، الذي يؤدي بدوره إلى تداعيات خطيرة، كل حالة ناتجة عن سابقتها، وهي على التوالي: إحباط - ضياع - وحده - خوف - ضياع فرص - مماطلة - شكوى - تعب - وأخيرا دائرة الاكتئاب الخطيرة.
التفكير الإيجابي يعبر عنه: نشاط، تخطيط مدروس، فعل، تحسن كل يوم.
أما التفكير السلبي، فبالإضافة إلى ما سبق، يتعرض صاحبه لتداعيات فسيولوجية خطيرة، حيث يبدأ الجسم في إفراز أحماض بالغة الخطورة على الصحة (تم حقن فئران التجارب بهذه الأحماض فماتت على الفور).
ويلفت الدكتور إبراهيم الفقي إلى أن اليابانيين يعيشون على أربعة كلمات، هي: صباح الخير، كيف حالك، التحسن المستمر، المرونة التامة.
فالكلمة الأولى تعبر عن حب الآخرين، الثانية: الحرص عليهم والتواصل معهم، الثالثة: العمل الدائم والدائب على تطوير الذات، الرابعة: التحول من نشاط لم ينجح إلى آخر بمرونة وسلاسة، مضيفا أننا نحن المسلمين نضيف إلى هذه الكلمات أو المفاهيم مفهوم آخر هو " الروحانية" في إشارة إلى الإسلام.
الحماس قوة إلهية
كلمة الحماس باللغة اللاتينية تتكون من أكثر من مقطع، وتعني "القوة الإلهية".. ولكن احذر.. الحماس هو وقودك غير أن الوقود قد يحرق المركبة، إذا لم يستخدم استخداما سليما، فيجب أن يكون للحماس أهدافا سليمة ومرتبطة بقيمة عليا، أي يجب أن يكون "حماس متزن".. اسأل نفسك: ما هي الفكرة التي تحمسك؟ ما هي رؤيتك عن نفسك؟ ما هي رسالتك في الحياة؟
جذور الحماس
القيم هي جذور الحماس الحقيقية، انظر إلى شجرة البامبو التي تزرع في آسيا، فهي شجرة عجيبة، تظل جذورها تحت الأرض لمدة خمس سنوات تحتاج لري ورعاية، ثم تنمو بسرعة إلى أعلى.. عمق جذورك وقويها بالتفكير الإيجابي والرؤيا والأمل والعمل, ولفت د. الفقي إلى نتيجة دراسة علمية أظهرت أن نحو 90% من أفكار الناس سلبية، وأكد ضرورة قيامنا بعملية تصحيح واسعة لأفكارنا..
هل الحماس وحده كاف؟
الحماس لا ينتهي، يرتفع وينخفض حسب أولويات الحياة المتغيرة، ولكنه غير كاف وحده، يجب أن تسانده المهارة، فالمهارة هي أحد أهم مفاتيح النجاح. ومن مفاتيح النجاح الأخرى: رؤية واضحة، رغبة في تحقيقها، اعتقاد في الذات، توقع ايجابي، معرفة، مهارة (المعرفة بنت المهارة)، التخطيط الإستراتيجي.
اجعل حياتك: عمل مستمر، عدل أهدافك، قيم نفسك، قيم قدراتك، غير أهدافك، وتذكر "التحسن المستمر" و"المرونة التامة".
ابدأ.. أنجز، وإذا جاءت النتائج على غير ما تتوقع لا تسمي هذا فشلا، ولا تستسلم للتفكير السلبي وغيره من مؤثرات الخارج المحبطة.. غير الفعل تغير النتائج، واحذر من "منطقة الراحة" تلك الناتجة عن توفر ضمانات الحياة، من استقرار المسكن والوظيفة والدخل..... الخ، عدم حدوث التغيير لفترة طويلة يجرنا إلى الروتين والملل ويقود إلى التفكير السلبي.. اسع نحو إنجازات جديدة، تقودك إلى التفكير الإيجابي باستمرار.
روابط السعادة والألم
تحكم هذه المتلازمة معظم تصرفات البشر، حيث يتجه الإنسان إلى فعل ما يتصور أنه يسعده حتى لو كان فيه الألم في حقيقته (مثل المدخن) ويبتعد عما يتصور أن فيه الألم حتى لو كان يحوي السعادة.. ارتباك التصرفات يأتي نتيجة ضياع الرؤية وغموض الهدف أو عدم وجوده.. من الضروري توفر: النية، الإرادة (القوية).. نظف نيتك كل يوم قبل نومك، تلك التي لا يعلمها أحد سوى الله سبحانه تعالى وأنت.
في حالة انخفاض الحماس، ارجع بسرعة للقيمة العليا، اتصل بالله سبحانه وتعالى، تزيد طاقتك الروحانية ويرتفع حماسك بصورة رائعة.
تعلم إستراتيجيتك الداخلية، وغير إستراتيجية الفشل، واعلم أن مساعدة من يحتاج إلى الحماس تزيد من حماسك.
خطوات الحماس
وإليك بعض الخطوات التي توضح لك كيف تكتسب الحماس:
ـ حلل ما تريده في الحياة وتوصل إلى خطة لبلوغ تلك الأهداف: مع أن الحماس قد يتولد في نفسك فورًا عندما تواجه حدثًا يغير مجرى حياتك فإنه عادة ما يبدأ بتحليل لما تريده في حياتك، إلى أين تتوجه، وما هي أهدافك؟
ـ اتخذ خطوات تجاه أهدافك: حينما تتضح خطتك يكون لكل خطوة تتخذها تجاه أهدافك علاقة مباشرة بما لديك من إثارة وحماس وثقة بالنفس. وبينما تستمتع بتحقيق النجاحات الصغيرة يحلق خيالك (الذي أعتقد أنك قد رسمت فيه صورة لمستقبلك) في رحاب الأماني، وحينئذ يظهر الحماس في الصورة. وعندما يصل حماسك إلى الذروة فسيكون من غير المرجح أن يثنيك شيء عن بلوغ أهدافك.
ـ استخدم عقلك في توجيه حماسك المشتعل: إن الحماس الفعال عاطفة موجهة تجمع كل مقومات شخصيتك في كل متحد يفوق تأثيره قوة كل منهما على حدة. وبعض الناس يربطون بين الحماس والقلب، لأن المتحمسين يحققون أشياء أبعد بكثير من نطاق قدراتهم الجسدية والذهنية.
ورغم أن القلب هو القوة العظمى، فإن العقل مهم أيضًا. فالعقل هو الذي يحدد اتجاهك ويضع حماسك في مساره السليم ويلهب الخيال الذي يجعل من المستحيل واقعًا فعليًا.
المفضلات