الاســـم:	تنزيل (10).jpg
المشاهدات: 22
الحجـــم:	9.8 كيلوبايت


الفهم السطحي و أسبابها


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لماذا يكون الفهم سطحيا ؟

السطحية في استعمالنا الدارج هي جهد فكري مبذول أقل

من القدر الممكن والمطلوب ،

ويتعلق بالأشكال والظواهر ويغفل عن المضامين والمقاصد .


أسباب هذه السطحية لعل منها ما يلي :


- الجلافة ؛ كأن يكون المتعامل مع الفكرة أعرابيا مثلا ، فهذا يصطكّ بها اصطكاكا ويقبض على يديها بعنف ، كما تعود على الجلافة مع الناس والأشياء في بيئته القاسية . والأعرابية هنا لا تعني المعنى الحقيقي فقط ؛ بل إياه والمعنى المجازي ؛ فكثير ممن يتعاطى الآن في الساحة العربية مع الأفكار والقضايا هم أعراب الروح وإن كانوا حضَرَ الهيئات !

- الهوى ، والهوى يعمي ويصم كما قيل ؛ فصاحب الهوى في فكرة معينة إن كان يرغب بها تَدَخّل هواه على خط موضعيته فأفسد عليه رأيه ، فحسّن القبيح وقبّح الحسن . وإن خفّت
سيطرة هواه قليلا على عقله فربما رأى في الأمر جانب الحسن ولم ير جانب القبح ، والعكس كذلك ، وربما ضخّم القبح وصعْلَك الحسن ، والعكس كذلك .

- الكسل
؛ فالبعض ابتلي بهذه العلة النفسية المقيتة ، وغالبا يكون مجدا ونشيطا في أمور الحياة العملية ؛ كالوظيفة والتجارة والسفر والسياحة .. إلخ ، لكنه نفور من تعميم الجد العملي على القضايا الفكرية ، لأنها لا تجلب له كسبا ماديا سريعا أو بهجة عاجلة كما تعود في أموره العملية الأخرى ، فهذا إن سلم من فساد الضمير فإنه يكتفي بالكسل فلا ينشط لتناول الفكرة بما تستحقه من جد وريْث وموضوعية ، وأما إن كان مُعْوِز الضمير فإنه يكون نشيطا ولكنه نشاط التقحّم والجلافة كالمأجورين المتلونين الذين " يتعاطون " الفكر والقضايا بطريقتهم السلطانية أو النفعية ولا يملون من إدمان " التعاطي " ! وهؤلاء نهايتهم النفسية وخيمة .. لو كانوا يعلمون !

- العجلة
، " وقد يكون مع المستعجل الزللُ " كما قال المتنبي . فالعجِل مأخوذ بعجلته فلا يكاد يرى من الظواهر إلا شيئا منها فكيف بالبواطن ؟؟ وهذا لا تعطيه الحقيقة من نفسها إلا بقدر ما أعطاها من عقله وضميره .

- فقدان البيئة المساعدة للإبداع
. وهذه البيئة إذا توافرت فليست هي المنتج للتفكير الممتاز أو العميق أو الإبداعي ، إنها بيئة حاضنة للتفكير السليم فقط ، والباقي من نصيب الذات المفكِّرة . أما البيئة التقليدية فينشأ فيها أنماط عرفية فكرية صلبة جدا تقولب كل أفرادها تلقائيا ، ولذا فالمبدع في هذه البيئات عليه أن ينوء بحملٍ فكري هائل حتى يأتي بالجديد ، ثم عليه أن ينوء بمثله لكي يدافع عن هذا الجديد ، ثم عليه أن ينوء بثالث إن كان يطمح إلى نشر هذا الجديد .

كل هذه العلل النفسية والاجتماعية تقود إلى السطحية في التفكير والسطحية في تناول القضايا بالنقاش والتحليل والنقد ، وتقود إلى أنواع من الشكلية والتشويه واللبس والغموض . والأمثلة على ذلك متوافرة حولنا في كثير مما يطرح عن : الدين والحرية والديموقراطية والعلمانية والحوار والفن والكتابة والسياسة والأمن ..