مفهوم موحد
جرت عدة محاولات لدمج المفاهيم والآراء ونتائج البحث المنفصلة فيما يتعلق بموضوع تعلم الراشدين ضمن إطار متكامل وقد تم ذلك خلال عام 1949 وانتهى بنشر كتاب "العقل البالغ[1]" للمؤلف "هاري أوفرستيت". وتبع ذلك نشر عدة كتب في المجال نفسه نذكر منها: تعليم الراشدين الغير رسمي[2][w1] " (نولز, 1950), "نظرة عامة على أبحاث تعليم الراشدين[3]" (بروينر, 1959), "كيفية تعلم الراشدين[4]؟" (كيد, 1973), وفصل بعنوان "نظرية التعلم في تعليم الراشدين" في كتاب "دليل تعليم الراشدين في الولايات المتحدة الأمريكية[5]" للكاتب "جي. آر. غب " (1960), "التعليم والتعلم في مجال تعليم الراشدين[6]" (ميلير, 1964). بالنتيجة, تبين لنا أن هذه الكتب توضح قوائم بالمفاهيم والمبادئ بشكل أفضل من الإطارات النظرية المتكاملة والمتماسكة والشاملة. أعتقد بأننا كنا بأمس الحاجة لمفهوم فارق ومتكامل.

نشأ هذا المفهوم في أوروبا لفترة من الزمن فكان بمثابة إطار متكامل لتعلم الراشدين حيث أطلق عليه اسم "الأندراغوجي" لتمييزه عن نظرية تعلم الشبان والتي تدعى "البيداغوجي". يعتبر "دوزان سافيسنيك", وهو معلم يوغسلافي مختص بتعليم الراشدين أول من أدخل هذا المفهوم والاسم للثقافة الأمريكية في عام 1967, في حين كتب "نولز" مقالة بعنوان "الأندراغوجي وليس البيداغوجي" في مجلة "تدريب الراشدين[w2] " في نيسان عام 1986. (لاحظ المشكلة الناجمة عن خطأ التهجئة بين المفهومين, إلا أنه تم التغلب على هذه المشكلة وتصحيح التهجئة وذلك بنشر قواميس مييريام- ويبستر). ونظراً لكثرة استخدام هذا المفهوم في مجال الأدب, فيجب علينا تتبع مراحل تطور استخدامه.

وقد أجرى "جير فان إنكيفورت", وهومعلم هولندي متخصص بتعليم الراشدين دراسة شاملة حول أصول مصطلح الأندراغوجي*. حيث اتضح له بأن الفضل في صياغة مصطلح (أتدراجوجيك[H3] ) يعود لمعلم المدرسة الثانوية الألماني "ألكساندر كاب" في عام 1833. فقد استخدم "كاب" الكلمة لوصف نظرية التعليم التي وضعها الفيلسوف اليوناني أفلاطون, بالرغم من عدم استخدام أفلاطون لهذا المصطلح. إلا أن الفيلسوف الألماني "يوهان فريدريك هيربرت" وهوالأكثر شهرة أكد على صحة هذا المصطلح بعد سنوات قليلة من اعتراضه على استخدامه. يلاحظ "فان إنكيفورت" أن للفيلسوف العظيم تأثيراً يفوق تأثير المعلم البسيط, وقد بان هذا في اختفاء هذه الكلمة حوالي مئة سنة تقريباً".

كما يتبين له أن العالم الاجتماعي الألماني يوجين روسنستوك الذي علم في الأكاديمية المهنية[w4] في فرانكفورت قد أعاد استخدام المصطلح من جديد وذلك عام 1921. وفي تقرير قدمه للأكاديمية عام 1921, عبر يوجين عن رأيه بأن تعليم الراشدين يتطلب معلمين خاصين وطرائق وفلسفة خاصة. "فلا يكفي أن ننقل أفكار نظرية التعليم ]أو البيداغوجي[ إلى مكان تواجد الراشدين. إذ أن التعاون القائم بين المعلمين والطلاب يستدعي وجود معلمين محترفين وهذا مالا نجده في البيداغوجي". على نحو آخر, فقد اعتقد "روسنستوك" بأنه هو من ابتكر المصطلح, إلى أن تم إخباره بأن المصطلح قد استخدم فيما سبق من قبل "كاب وهيربرت" وذلك عام 1962. ذكر "فان إنكيفورت" بأن "روسنستوك" استخدم المصطلح بين وقت وآخر. إذ تم إعادة استخدامه من قبل بعض زملائه, إلا أنه لم يلق صدى عام.

وقد اكتشف العالم الهولندي فيما بعد استخدام المصطلح من قبل الطبيب النفساني السويسري "هاينريك ها نزلمان" في كتابه "الأندراغوجي: طبيعة واحتمالات وحدود تعليم الراشدين[7]" الذي نشر عام 1951. حيث ركز هذا الكتاب على المعالجة الغير طبية أو إعادة تعليم الراشدين. وبعد ست سنوات فقط في عام 1957 نشر المعلم الألماني "فرانز بوجلر" كتاب بعنوان "مدخل إلى الأندراغوجي: المواضيع الأساسية في تعليم الراشدين[8]". وخلال هذا الوقت, كان بعض الأوروبيين يستخدمون المصطلح حيث نشر إم. أوجريوفيك بحثاً[w5] في يوغسلافية تحت عنوان "الأندراغوجي البانولوجي[9]" وذلك عام 1956 وآخر بعنوان " مشاكل الأندراغوجي[10]" عام 1959.وما لبث أن بدأ بعض المعلمين اليوغسلافيين الرائدين في تعليم الراشدين بتناول وكتابة مواضيع حول الأندراغوجي. نذكر منهم: سامولوفسيف وفيليبوفيك وسافيسيفيك. كما تأسست كليات تمنح درجة الدكتوراه في تعليم الراشدين في جامعات زغرب وبلغراد في يوغسلافيا وجامعات بودابست ودبريسين في هنغاريا.

وفي هولندا, بدأ البروفسور تي. تي. تين باستخدام مصطلح الأندراغوجي في محاضرته عام 1954, حيث نشر موجزاً[w6] بعلم الأندراغوجي في عام 1959, و بدأت جامعة أمستردام بمنح درجة الدكتوراه في الأندراغوجي منذ عام 1966, وتأسس قسم العلوم البيداغوجية والأندراغوجية في كلية العلوم الاجتماعية. يميز الأدب الهولندي الحالي بين الأندراغوجي والأندراغوجي جيكس والأندراغوجي[H7] . الأندراغوجي هو أي نشاط متعمد وموجه بشكل محترف بهدف إحداث التغيير في الأشخاص الراشدين. الأندراغولوجي هي الدراسة العلمية لكل من الأندراغولوجي والمنهجية التي تواجه عملية الأندراغوجي الحقيقية. الأندراغوجي هي الدراسة العلمية لكل من الأندراغوجي والأندراغوجي جيكس.

وخلال العقد المنصرم, ازداد استخدام الأندراغوجي من قبل المعلمين المختصين بتعليم الراشدين. مثلاً: بيرتراند سوورترز في فرنسا, جي أي. سيمبسن في إنجلترا, فيليكس آدم في فنزويلا, وتأسس برنامج لمنح درجة البكالوريوس في الأندراغوجي في جامعة كونكورديا في مونتريال عام 1973 في كندا.

وإلى الآن ما تزال هناك تفسيرات هامة لنظرية الأندراغوجي ونتائج تطبيقها في بلادنا (مثلاً: جودبي, 1978; إنجولس وآرسيرس, 1972; نولز, 1970, 1973, 1975, b 1984). ونشرت العديد من المقالات في مجالات تطبيق الإطار الأندراغوجي لتعليم العمل الاجتماعي والديني, تعليم الطلاب الجامعيين والمتخرجين, تدريب الإدارة وغيرها من المجالات. كما نشرت أبحاث عديدة حول الافتراضات المشتقة من نظرية الأندراغوجي. إذ أن هناك دليلاً واضحاً على تأثير هذه النظرية الكبير على طريقة تنظيم وعمل برامج تعليم الراشدين, وطريقة المعلمين في تدريبهم. وطريقة مساعدتهم على التعلم. كما يوجد دليل على بداية تأثير مفاهيم الأندراغوجي على التعليم النظري والعملي للمراحل الابتدائية والثانوية والجامعية. يقدم كتاب "تطبيق الأندراغوجي[11]" (نولز, b 1984) الحالة العامة من خلال مجموعة من البرامج المرتكزة على نموذج الأندراغوجي.


الأندراغوجي: نظرية التعلم















بواسطة:الدكتور محمد بدرة
موسوعة التعليم والتدريب
http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/show_article_page.thtml?id=274&pg=3