1- بغض القراءة( الاعتقاد الخاطئ)
وهي أوّل عائق، فكرتك ونظرتك عن القراءة هي التي تصنع سلوكك اتجاهها، فإما العشق والشغف بها وإما البغض والتذمّر منها، لأن الكثير لما يسمع حتى كلمة قراءة يصاب بضيق في التنفس وانسداد تام، فماذا تنتظر من هذا؟ أيقرأ لك كتاب حتى ولو لم يفهمه تماما، لا يستطيع حتى،. والاعتقاد بأنّه لا حاجة للقراءة مع التطور الموجود، مثل سهولة الحصول على المعلومة و أننا في غنى عن القراءة في عصر مهتم بالتكنولوجيا. إنّ التقنيات بديلة في بعض الأحيان عن القراءة، لكنها ليست بديلاً لكل منافع القراءة، و بعدما قرأت الفوائد المذكورة آنفاً أرجو أن نظرتك قد تحسنت. ولا تنسى: أنّك عندما تمارس شيئاً وأنت ترغب فيه فستكون الفائدة أكبر.
2- قلة الصبر على القراءة والمطالعة:
وهذه آفة قديمة ازدادت في عصرنا هذا خصوصا مع كثرة المصاريف والمشغلات الأخرى، حيث أصبح كثير من القراء لا يقوى على مداومة القراءة، ويفتقد الأناة وطول النفس، ولا يملك الجلد على المطالعة والبحث والنظر في بطون الكتب وكنوز العلم والمعرفة، وحينما يبدأ القارئ بالإطلاع على الكتاب سرعان ما يضعه جانبا وينشغل بأمر آخر. اقرأ كتابك وأنت عازم على إنهائه بحيث تقرأه من الجلدة إلى الجلدة، لكن ربما لا توفق في أحد الكتب لما فيه من ملل أو غيره لذلك يحسن بك اقتناء الكتاب الذي تظن أنه شيق لك أو مفيد و ستنهي قراءته . أما أسلوب التنقل بين الكتب وكل يوم تنقطع عن كتاب وتنتقل لآخر فقد لا يفيدك. وأستثني من هذا من اختار الكتاب لقراءة أحد مواضيعه فقط.
إن الساحة الفكرية اليوم تعاني من خلل ظاهر في بناء ملكة القراءة، وها أنت ترى كثيرا ممن يدخلون في (زمرة المثقفين) من أصحاب الشهادات الجامعية، بل حتى أصحاب الشهادات العليا، ومع ذلك تفاجأ بأن كثيرا منهم ربما يعجز عن إتمام كتاب واحد خارج تخصصه ...ما سبب ذلك؟ بالتأكيد 100% أنه لم يقرأ ولم يحب القراءة حين كان طفلا..
إننا نعاني من أزمة حادة في عزوف كثير من المثقفين - فضلا عن العامة - عن القراءة والبحث، مما أدى إلى اضطراب في التفكير العام، وسطحية مفرطة في كثير من الرؤى ، وضحالة عليمة حجبت منافذ البصيرة،و نوع قراءتك في مختلف العلوم النافعة؛ لتلم بأساسيات كل علم وما هو هام فيه ، ثم ركز على تخصصٍ تميل إليه نفسك لتستفيد منه أكثر وتبدع فيه .
تفنن وخذ من كل علم ، فإنمـا * يفوق امرؤٌ في كل فن له علم
فأنت عدوٌ للذي أنت جاهــله * والعلم الذي تتقنه ســَلَمُ .
وترويض النفس وتربيتها وقسرها على القراءة من أنجح السبل لبناء تلك الخلة الكريمة ، خاصة عند نعومة الأظفار وبداية الطلب . وقد يعجز المرء في البداية أو يصيبه السآمة والملل ، ولكنه بطول النفس وسعة الصدر والعزيمة الجادة سوف يكتسب بإذن الله - تعالى - هذه الملكة حتى تصبح ملازمة له لا يقوى على فراقها ، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنما العلم بالتعلم " السلسلة الصحيحة 1/605 ، وتكوين هذه العادة وغرسها في النفس من أولى ما يجب الاعتناء به لدى القراء والمربين .
3- ضعف التركيز:
كثير من القرّاء يقرأ بعينيه فقط، ولا يقرأ بفكره، ولا يستجمع قدراتها العقلية في التفهم والبحث. وربما جال القارئ بعقله يمينا ويسارا، وطافت بخاطره ألوان من الهموم والمشاغل، ثم يفاجأ بأنه قضى وقتا طويلا لم يخرج فيه بمادة علمية تستحق الذكر.
وبعض القراء يبدأ بهمة ونشاط وتركيز، ولكنه بعد أن يقرأ قليلا من الصفحات يبدأ بالتململ التدريجي، حتى ينفلت الزمام من يديه، ويستيقظ فجأة بعد أن سبح في عالم رحب من الخواطر الشخصية البعيدة عن مادة الكتاب، قال طه حسين : " كثيرا ما نقرأ لنقطع الوقت لا لنغذي العقل والذوق والقلب، وكثيرا ما نقرأ لندعو النوم لا لنذوده عن أنفسنا " ( خصام ونقد ص6 ) . وقد يؤدي ضعف التركيز أحيانا إلى اكتساب معلومات مضطربة أو مغلوطة أو ناقصة، مما يقود إلى نتيجة عكسية تضر القارئ ولا تنفعه، وقد يتعدى ضرره إلى غيره ..!
إن امتلاك القدرة على التركيز واستحضار الفكر امتلاك لزمام المادة العلمية، وهي السبيل الرئيس للوصول إلى الفهم والإتقان. ويختلف مقدار التركيز المطلوب في القراءة حسب طبيعة الكتاب المقروء، ومستواه. وحسب مستوى القارئ الثقافي أيضا، وحسب الهدف من القراءة؛ فمقدار التركيز الواجب لقراءة كتاب علمي متخصص يختلف عن التركيز المطلوب لقراءة قصة أدبية أو كتاب في الثقافة العامة.
4- النسيان:
تعذرك بالعزوف عن القراءة بسبب نسيانك لما تقرأه شيء خاطئ ، لماذا؟، لأن النسيان آفة تعالج ويسهل القضاء عليها، بالممارسة والتطبيق والتعليم لن تنسى ما تقرأ، ونحن نعلم أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يستعينون بحفظ أحاديث النبي بتطبيقها، وأنت ترى لماذا أستاذك لا ينسى الدرس على مر السنين، لأنه كرره أكثر من مرات، وعلّمه لغيره وبذلك يترسّخ في الأذهان.
لو أننا نتذكر ونستحضر ما تعلمناه طوال الوقت عندها سنصبح آلات إلكترونية، لكن استيعابك لمعلومة ما ستظل عالقة في ذهنك وستجدها عند الحاجة إليها هذا في الغالب، إن ثمن الثقافة غالٍ يقدر بالتكرار والإكثار.
5- عدم الفهم:
لعلاج هذه المشكلة اقرأ بدايةً ما هو سهل ثم تدرج في صعوبة المادة، وقد تقرأ في كتاب فلا تفهمه، فماذا تصنع؟ استمر في القراءة فإن شعرت أنك مستمر في عدم الفهم، فالأرجح أنك اخترت كتاباً أعلى من مستوى معارفك، فابحث عن كتاب آخر في الموضوع نفسه، تستسيغه، فإذا فرغت من قراءته، فعد إلى كتابك الأول، فستجد أن مشاكله قد حلت، وظلمته قد استنارت، فالشمعتان تضيئان أكثر مما تضيء الشمعة الواحدة.
ولا تقلق إذا استغلق عليك فهم بعض الأمور، فقد لا تكون أنت المخطئ، وكم من المؤلفين، لا يعرفون كيف يكتبون بوضوح، فالجزالة والوضوح موهبة، وملكة يفتقدوها كثير من المؤلفين، مع أنها بمثابة جواز المرور إلى نفوس القراء. حاول أن تكتشف الهيكل الأساسي للفصل الذي تقرؤه، والفروع التي تنبثق عنه، وفي كل فقرة ستجد كلاماً هاماً آخر هامشياً، فخذ ما تراه هاماً، ودوِّنه في ملخص، فسوف تظهر لك فكرة المؤلف بكل خطواتها الأساسية والفرعية في غاية الوضوح.
المصادر والمراجع:
1_ مقال لعبد الرحمن الصويان، مجلة البيان العدد 148 ص74.
2_ راشد بن محمد الشعلان، أساليب عملية تجعل أولادك يحبون القراءة.
3_ عبد الحميد بن عبد الله الدريهم، بحث وتحقيق عن القراءة وطرق تسريعها.
4_ الدكتور / فؤاد على العاجز،"مشكلات تنمية عادات القراءة لدى التلاميذ وسبل علاجها".
5_ الدكتور/ خالد الجديع،دورة القراءة السريعة.
المفضلات