إن المتأمل في واقعنا اليوم .. يجد كما هائلا من التناقضات يجعله يفكر دائما بالحق والصواب أين هو و من هي الشخصية المحقة ..

علمت أن الحق لا يعرف بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق ولم أجد أحدا محقا بذاته دائما فكلنا ذو خطأ وأنا أولكم

إن كنا نريد أن نرى الأمور بمنظور واقعي قليلا علينا أولا أن نعرف ما هي المشاعر التي تحركنا كبشر قبل كل شيء فحقيقة شعورك الدافع ( قيمك) هي جزء من واقعك الذي لا يمكن أن تنفصل عنه

إننا نعيش بأزمة مشاعر .. أزمة عدم معرفة ... أزمة قلة قراءة ... أزمة حب المال ... أزمة عدم وضوح الأهداف .. أزمة قيم

قيمنا.. دوافعنا بدت تكون متخفية خلف ابتسامتنا المصطنعة في كثير من الأحيان ... فالظاهر لا يدل على الباطن و أصبحنا غير منسجمين مع ذواتنا مما سبب الخلل الكبير في حياتنا

كلنا تعلمنا بالمدرسة أن الكذب حرام و لا يجوز...
كلنا علمنا من بيئتنا أن الخيانة سلوك ذميم محرم لا يجوز...
كلنا نعرف تمام المعرفة أن الله سبحانه وتعالى هو المقدر لكل شيء و هو المتحكم الأول في سير حياتك من كل النواحي

ولكن سلوكياتنا قد تبدو معاكسة لما تعلمناه فظهرت لنا الفجوة بين ما تعلمناه و بين ما نفعله

فالأب يأمر ابنه كل يوم بعدم الكذب ويمارس الأب دور الكاذب في البيت والعمل و عند أصدقائه

قيمنا أصبحت أسماء نسميها و نفتعل وجودها و هي بالحقيقة ليس لها وجود

أصبحت الشهامة والمروءة و الخلق الرفيع والذوق و الحلم والأمانة والعطف و الرحمة قصص لأشخاص عاشوا قبل 1400 سنة و كانوا مختلفين عنا لا نستطيع الوصول لها

أصبحنا ننظر لمجتمع الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بأنه المجتمع المثالي الذي يملك من القيم مالا يملكه أي جيل آخر و تناسينا أن من كان مع النبي صلوات الله وسلامه عليه كانوا بشرا يقع منهم الخطأ و الزلل

و أصبح هذا هو العذر والشماعة التي نعلق عليها سبب إخفاقنا في تمثل أخلاق الإسلام

نعم نحن نخطئ و لكن لا تدع أخطائنا تكبح ذلك الطفل في داخلك الطفل المسالم المحب

تعلمنا أن الإسلام دين محبة و لكننا لا نرى إلا الكراهية..

علمنا أن الإسلام من التسليم بأمر الله والانقياد له بالطاعة .. ولكننا لا نرى إلا تذمرا من الواقع من الراتب من الوظيفة من الزوجة أو الزوج لم تصبح نفوسنا متسعة لتقبل أحوالنا و لم نلتزم بأمر التسليم لله سبحانه وتعالى الذي خلقنا ووضعنا في أصعب امتحان على الإطلاق تفوق صعوبته أي تحدي في هذا العالم

ضاعت القدوة في هذا الوقت وأصبحت قدواتنا شخصيات فأخذناهم على علاتهم و تأثرنا بهم من حيث ندري ولا ندري


يتمحور كل الأمر على مقدار ما يملكه الشخص من الحكمة التي تجعله ينظر بمنظور العاقل و يبتعد عن نظرة الجاهل الذي يعتقد بأن كل ما يحصل بحياته جاء بسبب شخص آخر أو منظمة تتقصد إيذائه

عجلة الدنيا سريعة و الخبر الهام فيها أنك ستعيش بها مرة واحدة فقط لن تعيد الكرة إن أخفقت لأنها ليست كألعاب البلاي ستيشن التي نعرفها أو سبق ولعبناها لا توجد محاولة أخرى

لكن توجد مقومات للتغيير .. وبما أنك ستعيش لمرة واحدة أجعلها أفضل مرة ..

استمتع بكل لحظة تعيشها .. و اعرف ذاتك فحينما تتأمل في نفسك ستجد مباشرة أن الكون كله مسخر لك ولخدمتك

اجلس مع نفسك واعرف قيمك .. اعرف دوافعك للوصول للأشياء

لماذا تفعل ما تفعله بالحياة ؟؟

لأجل المال .. الشهرة .. نشر المحبة .. إثبات أن غيري خطأ ... الطمع ... الجشع .. الرحمة ... السلام الداخلي؟؟؟؟؟

حدد قيمك و رتبها حسب الأهم فالمهم و اعرف بالضبط كيف هي تحركاتك بالحياة و انتبه من القيم التي تتعارض مع ما تعتقد و تفعل لأن ذلك ما يجعلك غير منسجما مع نفسك

قد تكون نوايانا ودوافعنا جميلة و بيضاء ولكن الدافع شيء والسلوك شيء آخر

ذاك الذي يدفع المال ليراه الآخرين و يمدحونه يختلف عمن أعطى المال ليراه الله

سلوك واحد دوافع مختلفة ...

إن كنت ستفعل سلوكا أحسن النية .. وستجد أن الله سيردها لك بالمثل... والجزاء من جنس العمل