6- المقاربة البيئية للمراهقة تتميز المراهقة ، وفاقا لهذه النظرية ، بتعدد البيئات التي يدركها الكائن البشري من خلال نضجه ونموه .
يحاول التقرب البيئي ، احتواء كافة العوامل التي تتدخل في نمو المراهقة من العامل الصغير الذي يسميه النظام المصغر إلى الأكثر كبرا الذي يعتبره نظاما أكبر، وبين هذين الوسطين نجد نظاما وسطا ونظاما خارجيا .
يعرف النظام الأصغر :على أنه مجموعة العلاقات بين الأفراد التي يعترف بها الشخص المعني في محيط محدد يمتلك مميزات خاصة.
يرى علماء البيئة أن المدرسة نظام أصغر يحمل دلالات وعلاقات مختلفة تمس المراهق وتكون العلاقات الثنائية والمجموعات المؤلفة من اثنين والارتباطات ضمن المدرسة أنظمة صغيرة أخرى .
ويشكل النظام الوسطي الفئة الثانية من هذه التراتبية التي أقامها علماء البيئة ويرتبط هذا النظام بمختلف العلاقات ضمن محيط مساهمة الفرد مثل الأسرة والمدرسة والنادي الرياضي والثنائيات والأصدقاء، وينوع المراهق في هذا المستوى علاقاته ويزيد بالتالي من نموه.
المستوى الثالث من النظرية البيئية هو النظام الخارجي الذي يرتبط بمحيط أو عدة محيطات ، ليس من المحتم على الفرد أن يساهم فيها بالأحداث بشكل مباشر ، غير انه يتأثر بها مع ذلك، وتقدم علاقات صداقة الأهل أوعملهم أمثلة عن النظم الخارجية للمراهق .
إن النظام الأكبر هو مجال القيم التي يؤمن بها المراهق ويتأثر ، و تمثل الأفكار التي يكونها الراشدون عن الشباب والرعاية ودورها في المجتمع أمثلة عن النظام الأكبر المتعلق بالمراهقة . لقد شرح برونفنبرينر BRONFENNBRUNNER ، النمو البيئي بشكل جيد، و أكد أن الانتقال البيئي هو أساس التغيير في النمو البشري ، ويلحظ هذا الانتقال في كل مرة تحدث فيها طفرة لدى الفرد، وينتج كل تغير في المحيط أو الدور موقفا بيئيا جديدا ، يغير الكائن ، ويظل المراهق في عملية تطور مستمرة من خلال حركته والتغييرات التي يتعرض لها .
-1-6 مساهمات المقاربة البيئية وحدودها يعرف برونفن برينر النمو البشري على أنه "مسار يكتسب الشخص من خلاله مفهوما أكثر اتساعا وأفضل تمايزا وأكثر صلاحا عن البيئة، ويصبح معه مقتنعا ومستعدا لاطلاق فعاليات تجعله يدرك هذا المحيط أو يتحمله أو يعيد بناءه على درجات متساوية، أو أن يجعله اكثر تعقيدا على مستوى الشكل والمضمون" لا يمكن لهذا التعريف، في رأينا، أن ينطبق على نمو الطفل، بل يمكن أن ينطبق على نمو الطفل، بل يمكن أن ينطبق، رغم تعقيده التعبيري، على المراهقة.
ويرافق هذه المرحلة من الغليان الاجتماعي والجسدي والفكري لدى المراهق، حركة قوية عبر مختلف البيئات.
يقدم هذا التقرب غنى كبيرا من أجل فهم المراهقة ، ذلك أنه يعرض منظورا شاملا للنمو لا يراه في علاقته مع الفرد فقط ، بل ينظر إليه في بيئته الشاملة. ومن المؤسف أن لا يشكل هذا التقرب حتى الآن نظرية خاصة بنمو المراهقة .
وعلى الرغم من القواعد التجريبية التي وصفها هذا التقرب لنفسه ، يمكننا أن نكون متفائلين بفضل المبادئ المعلنة التي تحتم دراسة المراهقة ضمن منظور تفاعلي بين الذات ومحيطها. نشرع, بعد هذه النظرية الواعدة في المقاربة الانتروبولوجية لنمو المراهق.
-7 المقاربة الانتروبولوجية للمراهقة لقد قامت مارغريت ميد (1901 -1978) MEAD ، بدور هام في نشر هذا المفهوم عن التطور البشري ، يقدم علماء الانتروبولوجيا الثقافية الثقافة باعتبارهاعنصرا حاسما في النمو ، على عكس غالبية نظريات النمو التي تستوحي التقرب الدارويني الذي يقيم تحليله على هيمنة البيولوجيا ، وهم لا يكتفون ( الانتروبولوجيون الثقافيون) بمعارضة الشروح البيولوجية ، بل يبرهنون أن الملاحظات التي تمت في الغرب غير صالحة لدى مراهقي هذه المجتمعات ، كما هو الحال في بولينيزيا.
تعتمد هذه النظرية بشكل رئيسي على التحليل النفسي كي تدعم الملاحظات التي تم جمعها في الحقل ،وتسمح هذه النسبية الثقافية للمفهوم الانتروبولوجي في أن يكون جذابا وملائما ، ذلك أنه إذا كانت "مارغريت ميد" تؤكد أنه في "ساموا" لا تهتم الأم بتربية أحد أطفالها اليافعين إذا عهد بمسؤولية ذلك إلى من هو أكبر منه سنا " ويمكن ان تشمل هذه الملاحظة في رأينا مجتمعات أخرى ، حيث للعلاقات العائلية تنظيم خاص وعادات سائدة منذ قرون، مثل التنظيم التراتبي في العائلة الذي يحترم بشكل ضمني في البلدانالعربية الاسلامية .
لا ينتظر المراهق أن يعهد اليه بمسؤولية من هو أصغر منه سنا،وهو يعرف أن عليه أن يحترم من هو أكبر منه.
من المفيد أن ندرس بالتفصيل الروابط الخاصة، بخاصة سلوك الولد الاكبر في العائلة، من منظور الفروق بين الجنسين.
ونستطيع بذلك أن ندرك دلالة الفروق بين الثقافات التي تدافع الانتروبولوجيا عنها وترى "ميد" عندئذ أنه في المجتمعات البدائية لا تغير المراهقة حياة الفرد بشكل مفاجئ ، ذلك أن بعض الأدوار تكون قد اكتسبت ، بعكس المراهقة الغربية التي تكتشف هذهالأدوار وتحصل عليها .
- 8المقاربة العلاقتية للمراهقة تعتبر هذه المقاربة المراهقة منعطفا في حياة الشخص، وتقدم مرحلة تنشئة اجتماعية متطرفة، حيث يعيش المراهق توترات كبيرة ناتجة عن الأدوار الجديدة التي عليه أن يقوم بها، والتغيرات الداخلية والخارجية التي يتعرض لها.
وهناك عناصر أخرى ذات أهمية رئيسية بالنسبة للمراهق، إذ تقدم الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليهاالأسرة والثقافة المهنية عناصر تنشئة اجتماعية، ويكون لهذه العناصر أبعادها الخاصة التي تسيطر عليها والتي يدخل معها المراهق في علاقة كي يؤدي أدواره، ويعتبر اصحاب نظرية الأدوار الاجتماعية ، مثل الانتروبولوجيون، أن العنصر البيولوجي غير حاسم، ولكنهم لا ينفون وجوده.
الأهم اذا هو مسار تنشئة عبر الأدوار التي يقوم بها المراهق والمكانة التي يعطيه أياها المجتمع .
يقوم الراشد ، أثناء مرحلة الطفولة ، باحتكارهذه الأدوار ، ولا يقوم الطفل في الغالب بالواجبات التي تمس مسؤوليته المباشرة ويكشف في مرحلة المراهقة عن قائمة أدوار جديدة ، يجب السيطرة عليها، تغير الفتاة المراهقة دورها في لعبة الشريكة من أجل تشكيل الثنائي الزوجي، وهذا أمر لم تكن تعرفه حين كانت أصغر سناً، ويهيأ الفتى الاندماج في مشروع رئيس فريق أو في أدوار أخرى .
أن أول مظهر من هذا التفسير الاجتماعي، هو أن على المراهق، الذي هو ليس طفلا ولا راشداً، أن يجابه ادواراً ومواقف غير معروفة، ويعتبر الجانب الثاني أن للمحيط تأثيرا حاسما في الوصول الى هذه الأدوار والمواقف.
وتقود مفاهيم الأدوار والمواقف الى تصنيف الاشخاص وفاقا لمعايير الارتباط بفئة محددة جداً. ويتم هذا التصنيف على مستوى التمثيل ويحدد نوع العلاقات بين الأفراد ويمكننا أن نصنف الأشخاص نسبة الى " أخيهم "و"ولدهم" "رجل " أو مرب" ونسند الى كل فئة دورا أو مكانة. تعنى المكانة المواقف والسلوكات التي ينتظرها الفرد من الآخرين وفاقا لموقعهم الاجتماعي الذي يحتلونه. ويعني الدور من جهة أخرى المواقف والسلوكات التي على الفرد نفسه ان يطورها لكي يثبت مكانته .
8-1 مجموعات المراهقين يتم التمييز منذ سنوات عدة، بين مجموعات الراشدين ومجموعات المراهقين.
وهذا التمييزالنفسي الاجتماعي ضروري، حتى ولو أنه يأخذ أحيانا تسميات عامة جدا مثل عصابات الشباب. لمجموعات المراهقين خصائص على مستوى تشابه السلوك والأهداف المطلوبة، ونلاحظ ، من بين خصائص مجموعات المراهقين، العفوية والتعبير، على عكس مجموعات الراشدين التي تتميز بآلياتها.
ذلك أن تشكل المجموعة يلبي رغبات غير معترف بها يمكننا ان نعتبر، مجازيا وبالمقارنة، أن مجموعة المراهقين مؤسسة غير رجعية بشكل تام، ومن جهة أخرى تقدم مجموعات المراهقين تنظيما نفوذيا ومفتوحا أمام كل انتساب بعكس مجموعات الراشدين حيث لا انتساب منظم ومعايير القبول جيدة التحديد.
http://www.upower.net/forum/t13107.html
المفضلات