فقد اعتبر لوك أنملاحظة المحيط حولنا هو في اصل تقدمنا، وان التجربة هي مصدر معارفنا حول العالم ،انهما العنصران اللذان يسمحان لنا بادراك العالم وفهمه. وتتداخل كل هذه العناصر معولادة الطفل كي تطبعه عبر نموه السلبي في بداية حياته حتى سن المحاكمة الذي تمثلهالمراهقة. ويعتبر روسو الذي تأثر بأفكار لوك ، ان الطفل طيب بالطبيعة وان المجتمعهو الذي يكيفه وفقا لمعاييره. ويميز أربع مراحل في النمو البشري : الطفولة الأولىالتي يسميها أيضا المرحل الحيوانية وتمتد من سن 0 إلى أربع سنوات، الطفولة أوالمرحلة الوحشية من 5 إلى 12 سنة ، الشباب من 12 إلى 15 سنة والمراهقة من 15 إلى 20سنة. ويحبذ روسو في المرحلة الحيوانية سبرا للملكات الحسية الحركية للطفل دون أنيرهقه بتعليم يمكن أن يخنق طبيعته. ومن وجهة أخرى ، ينصح في المرحلة الوحشية بحمايةالطفل من كل تعليم شكلي، ذلك انه من الممكن إدخال الاضطراب إلى تجربته الشخصية التيينميها من خلال اللجوء إلى حواسه ويمكن انطلاقا من سن 12 ، البدء بالتربية العقليةويرى روسو من خلال التزامه بموقف دفاع عن الطبيعة البشرية انه في فترة المراهقةيكتسب المرء نضجا تاما ويصبح بهذا سيد قراراته. ويجب أن نلاحظ أن روسو يلغي الدورالذي يمكن للمجتمع أن يقوم به ، أي التربية والثقافة في شخصية المراهق . لقد حاولتكافة نظريات النمو بدءا من القرن الثامن عشر إدخال ظاهرة المراهقة في تفسيراتهاللسلوك البشري ، وتخضع هذه التفسيرات لسوء الحظ ، لاستراتيجيات النظرية ولا تشتملعلى كل مظاهر المراهقة وسنستعرض الأعمال الأكثر دلالة والمتعلقة بسيكولوجياالمراهقة من أجل فهم تطور مختلف المسارات التي تتدخل في تكوين الشخصية المراهقة،غير انه لا بد أولا من تعريف هذه الكلمة . 5-2- النمو الفكري للمراهقيبدلالمراهق طريقة تقربه من الواقع في طور الذكاء الشكلي ، يبدأ هذا الطور في سن 12ليستمر حتى سن الرشد ، يرى بياجيه أن الفكر، الفرضي الاستنتاجي يتحقق في سن 12ويسمح للمراهق بمعالجة فرضيات في موقف معين وان يتحقق عموما من مصداقيتها كي يستخرجمنها النتائج. يصل المراهق إذا إلى محاكمة على فرضيات مجردة. إذا كنا نتحدث في سن 14 أو 15 عن قاعدة تطور فان هذا الأمر لا يمنع من أن يستمر الفكر الشكلي في النموبعد المراهقة. من جهة أخرى، يلاحظ عدد من الباحثين الذين استأنفوا تجارب بياجيه فيالبلدان المختلفة، أن الذكاء الشكلي لم يسيطر على المراهق سوى بشكل جزئي في ذلكالعمر وبشكل مختلف بين بلد وآخر. 5-3- الفكر الشكلي العملياتي يرى بياجيه أن الفكرالشكلي العملياتي يعطي المراهق القدرة على إقامة العلاقات بين الواقع والممكن،ونلاحظ إضافة إلى المحاكمة الفرضية الاستنتاجية إعادة تنظيم النظام الادراكي لدىالمراهق، ويتمثل اكتساب هذه المرحلة إذا في الانتقال من المحسوس إلى المجرد من اجلتخطيط الأفعال المستقبلية وتقدير فرص نجاح هذه الأفعال أو فشلها. ويسمح هذا الفكرالعملياتي أيضا بإجراء المحاكمات حول عدة متغيرات في الوقت نفسه، مثل الزمانوالمكان والسرعة، كما يدعى هذا الفكر تركيبياً لأنه يسمح للمراهق في أن يواجه كلاحتمالات الموقف. ويتميز الشق الثاني من الفكر الشكلي بما يسميه بياجيه PIAGET" مجموعة هـ . ن . ت .ت" ويعنى هذا المصطلح : هوية ، نفيا وتبادلا وترابطا . تعودالهوية إلى تحليل أولي للشيء " واقعة وضع ثقل على إحدى كفتي الميزان" ويتمثل النفيفي القيام بالعملية المعاكسة، أي برفع الثقل ، أما التبادل فهو وضع ثقل في كفةالميزان الأخرى. والترابط عكس التبادل ، ويتمثل في تعديل الوزن الثاني بالنسبةللأول لخلق توازن ، أن مجموعة هـ.ن.ت.ت. هي تتابع عمليات مترابطة فيما بينها ويمكنلتأثير إحداها أن يقابله تأثير الأخرى أو أن يقابله تركيب المجموعة كلها في موقفمعين، يجب أن نلاحظ أن السيطرة على الفكر الشكلي التام لا يدرك من قبل المراهقين،ونلاحظ، حتى لدى بعض الراشدين الأصحاء بعض الخلل في هذا المستوى .
- 5- 4مساهمات النظرية الفكرية وحدودها في نمو المراهقتظلنظرية بياجيه في أيامنا هذه ، المرجع الأول للأبحاث المتعلقة بنمو الذكاء لدىالمراهق ، ويرى بياجيه أن ليس للتغيرات النفسية في المراهقة أصل داخلي فقط ، كمايؤكد علم النفس التحليلي ، وليس لها أصل خارجي محض كما يرى ذلك علم الاجتماع، بليجد النمو الفكري للمراهق أصوله في الفكر العملياتي وفي قدرة المراهق على التجديدوبناء الفكر، ويبقى هذا النمو في تفاعل مستمر مع المحيط الاجتماعي ويتطلب تكيفا منقبل المراهق . من الواضح أن بياجيه ، باعتباره بنيويا ، قد أراد أن يعطي انطلاقةجديدة للنمو الفكري لدى المراهق ومن هنا جاءت رغبته في ربط النفس بالمحيط الاجتماعيواعتبار علاقتهما بنائية ، ويعترف ، هو نفسه ، على مستوى تعميم النظرية ، أنالملاحظات التي تمت بالتعاون مه انهلدر ربما تمت على جمهور متميز إلى حد ما ،ولقدانتُقد بياجيه في الواقع، فيما يتعلق بصلاحية ملاحظاته بالنسبة لأطفال بلدان أخرىغير سويسرا . أما النقد الآخر فيتعلق بالذكاء الشكلي (Intelligence Formelle )،الذي يؤكد أن الأطفال قادرون على بعض المحاكمات المنطقية دون الوصول إلى التركيب. وقد عاب باحثون آخرون مثل لوهال LE HALL ، على بياجيه رؤيته الخاطئة حين اعتبر انهبدءاً من اللحظة التي تلاحظ فيها لدى الذات كفاءات تنسب إلى التحليل البنيويموضوعيا، فان هذه الذات "تملك هذه البنية، التي يجب أن تظهر في مناسبات أخرى، وبماأن هذا الظهور لا يلحظ دوما ( الفروق بين الأفراد)، نخرج بنتيجة مفادها أن التحليلالبنيوي غير ملائم". ويرى لوهال أن هذا التفسير يقوم على فهم مزيف للبنيوية ، إذليس باستطاعتنا الفصل بين البنى وعملها ، ويذهب "البياجيون" الجدد إلى ابعد من ذلكفي انتقاداتهم ويساهمون في عملية إعادة بناء كاملة للمفاهيم "البياجية" . ورغمالانتقادات المختلفة ، يشهد هذا التقرب تطورا كبيرا في تفهم آليات نمو الذكاء لدىالمراهق، ويكسب العديد من الاتباع بين المربين. نعالج الآن التقرب البيئي لنموالمراهق.
انتظروا بقية الموضوع
المفضلات