عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 36
القدرة الشفائية للعقل
جورج أوشاوا
إن كل من يمرض أو يمرض اطفاله يكون لديه جهل لنظام الكون.
إن أجسامنا,القابلة للمعرفة وللرؤية وللمس,جزء من هذا العالم النسبي المادي مرتبطاً.وخلافاً لذلك,فإن عقولنا حرة,لها الحرية المطلقة في التوجه الى أي مكان وفي أي وقت في العالم المطلق اللامتناهي.ونحن نمتلك القدرة على استرجاع الماضي واستشراف المستقبل في لحظة واحدة.
عالم الفكر هو في الواقع عالم الله.إنه اللاتناهي أو الأحدية.ولما كنا جميعاً نمتلك عقلاً,فإننا سكان عالم الله المطلق الذين لم يكن لهم أي خيار بذلك.لا نستطيع القول بصدق تام إننا لا نعرفه.ومن يقول:"لا أعرف الله" أو يتصرف وكأنه لا يعرفه هو أعتى المجرمين كافة.وإذا قورن به كل المذنبين الآخرين,تبدو ذنوبهم تافهة.
إن من لايستطيع أن يعيش في العالم اللامتناهي,عالم العقل,لن يكون سعيداً,ولن يحقق شيئاً له قيمة حقيقية.وهو ينتهي دائماً بالمرض والحزن.
يقول الفيلسوف الروائي الروماني إبيكتيتوس:"من كل الأشياء التي ينبغي معرفتها ثمة شيء واحد يستحق التصنيف إما بوصفه صالحاً أو باطلاً.فمعرفة الله أمر صالح.أما عدم معرفته أو الإقرار به فهو امر باطل.والنظر في ما هو صالح أو باطل,مقارنة بكافة الأمور الأخرى,إنما يعد تافهاً لا أهمية له".إنه نتاج مفهوم سطحي للعالم.
نقول في نظام الماكروبيوتيك إن المرض ينشأ من الغذاء.ويمكن أن يبرهن على صحة هذا القول.غير أن اختيارنا للغذاء يحدده العقل في الواقع.فإذا كنا نعرف الله الذي أمدنا بالعقل,فإننا لانختار الغذاء السيء إطلاقاً.وإن من لايعرف الله ولايستطيع رؤية نظام الكون,لاعقل له ولايستطيع أن يجد الغذاء الصحيح,ويسقط فريسة المرض.
المرض الفيزيولوجي مؤشر على مرض العقل أو المرض في التفكير.
ولما كان العقل قد هدانا الى الله الخالق عز وجل,فإن من السهل أن نفهم ما يقهر المرض هو العقل.وإذا لم يدخل المرء عالم العقل هذا,فإنه لايستطيع أن يشفى من المرض أو أن يكون سعيداَ.
ولما كنا نعلم,في الماكروبيوتيك,أن مرض الجسد أو العقل سببه الغذاء,فإننا نشعر بالطبع أن شفاءه أيضاً متجذر في الغذاء.ومن هذه النقطة الجوهرية,تغدو من السهولة بمكان إزالة المرض الجسدي.
ولكن من يعتقد أن نظام الماكروبيوتيك مجرد علاج للأمراض الجسدية لا يمكن أن يداوى إطلاقاً,في الواقع.فنظام الماكروبيوتيك ليس دواء جديداً لوقف الألم أو المعاناة,بل تعليم يصل الى مصدر الألم ويستأصله.وعندما يتحقق هذا النوع من الشفاء,لن يتكرر المرض ابداً.وبالتالي,فإن الإستشارة الماكروبيوتيكية تعطى مرة واحدة في العمر.أقدم استشارتي الى الشخص مرة واحدة,والذين يعودون ثانية,تشير عودتهم الى أنهم لم يبحثوا قط عن السبب الحقيقي لمشكلتهم.
ويعتقد بعض الأشخاص أن الماكروبيوتيك ليس أكثر من تعليم نظام غذائي,يقول بتناول الجوماشيو والجزر والأرز الكامل.ويتصور آخرون أنه يتخلص في منع تناول الجاتو والسكر.وهذا ابعد ما يكون عن الحقيقة!
إن الماكروبيوتيك عملية تغيير لأنفسنا لكي نستطيع اكل شيء نحبه بلا خشية من السقوط فريسة المرض.إنه يمكننا أن نعيش حياة مفعمة بالفرح,ونستطيع خلالها تحقيق اي شيء نختاره.إن معرفة اللامتناهي و العيش فيه والشعور الدائم بالامتنان نحوه.وبدون هذا,لانمتلك صحة سليمة حقيقية.وتنفق حياتنا في تأمل المعاناة والمشكلات.
إذا صادف أن تمتع شخص بصحة جسدية جيدة,من دون أن يكون على صلة حميمة باللامتناهي,فإنه لن يشعر إطلاقاً بالأمن أو الفرح العظيم.غير أنه إذا تبع الطريقة الماكروبيوتيكية في الحياة.فسوف يكتسب حتماً الذهنية التي يعيش بها حياة سعيدة في سلام دائماً.
إن الشخص,الذي لم يعرف المرض قط,لايعيش بأمان في الواقع,لأن الصحة التي يتمتع بها نعمة من والديه.لقد زوده أبواه بقاعدة قوية يستطيع في النهاية تدميرها من خلال إساءة حكمه على الأمور.
إن الصحة الحقيقية هي التي تنتجها بنفسك من المرض.ولن تعرف كم هي رائعة حقاً إلا إذا كنت أنت من صنعها.
ولهذا السبب,يبدد أصحاء كثيرون صحتهم.إن جهلهم يجعلهم يدمرونها من دون معرفة قيمتها الحقيقية.ومن يعرف القيمة الحقيقة للصحة,يعمم معرفته بإبلاغ الآخرين ما يعرفه.وإذا كنت تتمتع بصحة سليمة ولا تحاول إعطاء الآخرين بعضاً من السعادة التي تجلبها لك,فهذا يعني أنك غير مدرك أن السعادة لاتقدر بثمن.
إن هدف نظام الماكروبيوتيك هو تزويد المرء بالوسائل التي تؤسس لموقف مفعم بالبهجة,تتلاشى أمامه,العنهجية والشكاوى ومشاعر الخوف والحزن والمعاناة وانعدام الثقة بالنفس وبالآخرين,لتبقى السعادة والمحبة والحرية,ويبقى الإيمان.وفي مثل هذه الحالة يكمن الامتنان اللامتناهي.
إننا نقدم الشكر الى كل شيء,ونعرب عن شكرنا على كل شيء.والمرء,الذي يكون على هذا المستوى,إنسان يشع بالامتنان.إن عالمه مليء.وحتى إذا أصيب بالمرض أو واجه صعوبة شديدة,يستطيع,على الفور,أن يحول معاناته سعادة.فإذا هاجمه أحد بحجر,يتحول هذا الحجر زهرة.وإذا كان السلاح سيفاً يصبح السيف مرآة.واذا أعطي سماً يتحول السم ترياقاً.
يعلمنا الماكروبيوتيك كيف نترجم هذا العالم الزائل الضيق النسبي الحزين غير الحر الى جنة مفعمة بالفرح اللامحدود.إذا كنت لاتنوي أن تفهم هذه السعادة ولا تحدوك الرغبة في دخولها,فمن الأفضل ألا تكون ما كروبيوتيكياً.
إن من لايريد ذلك يكون مصاباً باشد الأمراض قاطبة,وهو الأنانية.إنه ليس افضل من أولئك الذين لايبحثون إلا عن الشهرة أو الثروة أو المكانة.إنها الجريمة الكبرى,أساس التعاسة كلها.وهل هناك تعاسة اعظم من أن نقول لأنفسنا,"ها أنني ثري الآن",أو "ليس هناك ما يدعو للقلق,فأنا بصحة جيدة".إن ثروة أو صحة من هذا النوع يمكن أن تتحول فقراً او مرضاً بين عشية وضحاها.
إن الماكروبيوتيك ضروري للناس,سواء كانوا اصحاء أو مرضى.وفي الحقيقة,إن من يسمون اصحاء هم من يجب أن يتلقوا المساعدة أولاً.ولكن يصعب الوصول الى أمثال هؤلاء,نظراً لأنهم,في الأغلب,أناس قانعون بما أصابهم من حسن طالع صغير,ولا يسعون الى ماهو اكثر.في حين أن الذين يعانون هم اناس تسهل مساعدتهم لأن لهم سبباً يدفعهم الى البحث عن الصحة هو الألم.
أما المريض الذي يظل,رغم كل شيء,مدركاً للامتناهي,فهو إنسان أكثر سعادة ممن يتمتع بصحة سليمة,ولا يستطيع إدراك اللامتناهي.هكذا فإنني ممتن للمرض.
يداوي الطب الغربي اعراض المرض بوسائل أصطناعية مثل الحقن أو الحبوب.أما فهم المريض,فيبقى دائماً خارج هذه العملية كلها.وهؤلاء الذين يعالجون بهذه الطريقة يفقدون فرصة دخول مملكة السماء.وأعتقد أن الطب الغربي,باعتماده هذه الطريقة,يلحق ظلماً عظيماً بالإنسان.إن قوة الشفاء هي في عقولنا.والمواد اللازمة لفتح العقل وشفاء المرض هي الغذاء الذي نميز خصائصه بالعقل.فإذا عجزنا عن جعل ذهننا صافياً,لانستطيع تمييز الغذاء الصحيح.إن قوة الشفاء هي في العقل.والمرض يصيبنا لكي نكتشف هذا العقل.وإن لم نستطع,فالأفضل أن نبقى مرضى,حتى نكتشف العقل.هذه هي إرادة الله.
Balagh.com
المفضلات