أهلاً بك عزيزي الزائر, هل هذه هي زيارتك الأولى ؟ قم بإنشاء حساب جديد وشاركنا فوراً.
  • دخول :
  •  

أهلا وسهلا بكـ يا admin, كن متأكداً من زيارتك لقسم الأسئلة الشائعة إذا كان لديك أي سؤال. أيضاً تأكد من تحديث حسابك بآخر بيانات خاصة بك.

النتائج 1 إلى 10 من 42

العرض المتطور

  1. #1
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 11

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على رسول رب العالمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...


    فهذه هي الحلقة الحادية عشرة من برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد وصلنا في الحلقة السابقة إلى أن للهدف ستةَ شروطٍ تتعلق بالتفكير وهي: أولاً ـ الإيجابية: أن يكون الهدف مصوغاً بطريقة إيجابية. ثانياً ـ المسؤولية: أن يكون الهدفُ يخصني وأتحمل مسؤوليته. ثالثاً – الوضوح: أين ومتى وما ومع من أريد ما أريده. رابعاً – التأثيرات: كيف يؤثر الهدف الذي أريده على الجوانب الأخرى لحياتي. خامساً - القياس: كيف أعلم أنني حصلت على ما أريد. سادساً – الحواس: هل أن ما أريده قائمٌ على الحواس.

    وسنشرح اليومَ الشرطَ السابع، وهو الإيمان، ويتعلق بالشعور ضمن الحالة المؤلفة كما قلنا. فالتفكير له الشروط الستة الأولى لتحقيق الهدف، والشعور له الشرط السابع من شروط تحقيق الهدف وهو الإيمان، والسلوك له الشرط الثامن وهو العمل. إذن الشرط السابع من شروط تحقيق الأهداف (الحصيلة) هو الإيمان، والإيمان بالمفهوم الغربي يوازي في تراثنا ما يسمى بالرغبة والرجاء في الشيء والقناعة به، أو بمعنى آخر الجذب إليه، وقد يزيد فيكون هوساً بالشيء وتعلقاً في إنجازه، وبدون هذا الشرط أو بالأحرى بدون توفر الحد الأدنى من هذا الشرط الذي يتعلق بالشعور لا يمكن تحقيقُ الهدف.

    هل رأيت إنساناً يهدف إلى شيء غيرِ مقتنع به وغير مؤمن به، لعل هذا لا يمكن ... هنا الإيمان غيرُ الإيمان الذي نقصده نحن في ديننا الإسلامي، والذي يتعلق بالاعتقادِ وتوحيد الله وغيرِ ذلك مما أتى بنصوص ديننا الحنيف بمعنى الإيمان ... وإنما يتعلق بالقناعة بشيء أريده، والسؤال الذي يجب طرحُه: هل أنا مؤمنٌ تماماً بما أريده ؟ أو بعبارة أخرى هل أنا مقتنع تماماً بهذا الهدف، وإذا أردنا أن نتعمقَ أكثرَ نقول: إنه لا يمكن لإنسان من تحقيق أي نجاحٍ في دراسة أو في عمل أو في حياة أسرية أو اجتماعية أو على الصعيد الاقتصادي إن لم يكن يحب هذا الهدف، أو كما يقولون في التنميةِ البشرية: إن هذا الهدفَ يجذبه، وقد شرحوا مطولاً اكتشافَهم لقانونِ الجذب في كتاب (السر) ...

    ويا للأسف ... إن في أعمالنا وحتى في أهدافنا في مجتمعاتنا الحالية ... كثيراً ما نقوم بأعمالٍ وأهداف غيرَ مقتنعين بها ـ لعواملَ شتى ـ وربما كان هذا يعد نفاقاً في العصور الغابرة من الحضارة الإسلامية التليدة .... فلم يكن مقبولاً أن يقومَ الرجلُ بعملٍ غيرَ مقتنع به .... فقد كانوا يعدّون أن من يقول لإنسان تفضل على طعام أو شراب وهو لا يريده أن يأتي من النفاق، وقد قال تعالى: { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً }، فما الذي يستطيع إنسان أن يفيدَ به نفسَه أو أهله أو بلدته في هدف أو عمل هو غيرُ مقتنع به. لا يستطيع أن يفعل شيئاً، وإن فعل لا يفيد .... حتى نفسه ... لذلك ترى الكثيرَ من الطلاب في مجتمعاتنا قد درسوا بعد الثانوية في الكلية التي فرضتها عليهم درجاتُهم لا الكليةِ التي يرغبون بها ... أو لأن فلاناً قد دخل هذا الفرع، وهو ليس أقلَ شأناً منه ... وفلانة اشترت شيئاً هو ليس هدفاً لها ولا يحققُ لها أية حاجة ... فقط لأن منافستَها اشترت منه ... ولا أحد خيرٌ من أحد ...

    وللإنصاف نقول: لعل الغربيين في وقتنا هم أكثرُ تطبيقاً لهذا الشرط في أهدافِهم من كثيرٍ من أبناءِ جلدتنا، ولعله سببٌ رئيس في نجاحهم في كثير من أهدافِهم وأعمالهم ... فترى الواحدَ منهم مستمتعٌ وهو يسعى نحو تحقيق هدفِه لأنه يحبه ... لأنه مؤمن به ... لأنه يرغب بتحقيقه، أما في مجتمعاتنا ففي الأعم الأغلبِ على عكس ذلك، وإنما تحكمنا معادلاتٌ أخرى لمحاولة القيام بأهداف لا تعنينا ولا نرغب بها، وقد ذكرنا قبل قليلٍ أن الجيلَ الذي بنى هذه الحضارة الباسقة محصنٌ من هذا المرضِ العضال، وفي الحلقة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ سنشرح الشرط الثامن الأخير من شروط تحقيق الأهداف (الحصيلة)، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3027



  2. #2
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 12

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله وحده ... لا شريك له ... أبدعُ مصوِّر وحكم معدل، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...

    فهذه هي الحلقة الثانية عشرة من برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد وصلنا إلى الشرط الثامن من شروط التنمية البشرية في تحقيق الهدف والتي هي: 1- الإيجابية: أي هل هدفي مصوغ بطريقة إيجابية. 2- المسؤولية:هل إنه هدف يخصني وأتحمل مسؤوليته. 3- الوضوح: أين ومتى وما ومع من أريد ما أريد. 4- التأثيرات: كيف يؤثر ما أريده على الجوانب الأخرى لحياتي. 5- القياس: كيف أعلم أنني حصلت على ما أريد. 6- الحواس: هل ما أريد قائمٌ على الحواس. 7- الإيمان: هل أنا مؤمن تماماً بما أريده. 8- العمل: وهو الشرط الثامن والأخير من شروط تحقيق الهدف: وهو يعني ما هي بالتفصيل الخطوة الأولى لتحقيق الهدف الذي تريد.

    اكتبْ وابدأ. نعم تحققت الشروط السبعة السابقة لتحقيق الهدف، إذن الشرط الثامن أن تبدأ، وإلا فلن يتحقق شيء. مهندسٌ قرّر أن يبنيَ فيلا على أرضٍ له، ما الذي يفعله بداية؛ يذهب ليأخذَ الترخيص للبناء، إلا أن البلدية لا تقبل أن تعطيَه الترخيصَ قبل أن يأتيَ بالمخططِ الذي سيبني وفقه. إذن الخطوة الأولى من العمل وضعُ مخططٍ البناء، ولابد ليتحققَ الهدف أن تبدأ العمل، ولن يبدأَ العمل بشكل صحيح ...

    ولن يتحققَ الهدف كما ترسم إلا أن تبدأ بالخطوة الأولى من العمل، ولكل هدفٍ خطوته الأولى، فالبناءُ خطوته الأولى ... وضعُ المخططاتِ اللازمة ... والطبخُ خطوته الأولى أن تأتيَ بالخضار ... والدراسة لمادة معينة... خطوتها الأولى الإعداد، وهكذا .... هل رأيت إنساناً يستطيعُ أن يقطعَ الطريقَ بين مدينة وأخرى دون أن يبدأ الخطوة الأولى ... إذن البدايةُ بالخطوة الأولى.
    تكون البداية بالخطوة الأولى الحقيقيةِ التي بدونها لا يمكنُ أن يتجاوزَ الطريقَ أو يبدأ به، فلكي تكونَ الخطوة الأولى يجب أن تكونَ بداية لولاها لما كانت هناك بداية ... وبهذا الشرط الثامنِ من شروط تحقيق الهدفِ (الحصيلة) نكون قد أتممنا شرحَ شروط تحقيق الهدف أياً كان هذا الهدف. هذا في التنمية البشرية المعاصرة ... فما حال أولئك الناسِ الذين أسّسوا لهذه الحضارةِ الإسلامية الرائعة، وكيف استطاعوا أن يتبوءوا صعداً على قممِ الحضارة ...

    إن أيَّ متأملٍ يلاحظ بداية فرقاً واضحاً في الكليات، إن الحالة الإنسانية صحيحٌ أنها تتألف من مركبٍ ثلاثي: (التفكير، السلوك، الشعور)، إلا أن هذه الحالة التي هي هذا المركبُ إنما تتفرعُ عن أصل هو الإنسان، والإنسانُ العاقل المخاطب هو: تفكير وسلوك وشعور، إلا أن الإنسانَ قبل هذه التجزئةِ في حضارتِنا الإسلامية هو رُوح تمثل حقيقة الإنسان، وهي سرٌّ مقدس. ألم تسمع أخي المستمع قولَ الله تعالى مخاطباً ملائكته: { فإذا نفخت فيه } أي في آدم الأول { من روحي فقعوا له ساجدين }. انظر يا أخي كيف نسب الله هذه الروحَ إلى ذاتِه المقدسة ... تشريفاً لهذه الروح وإعلاءً لها، وهي سر الإنسان ... وسر تكليفه، وهي المخاطبُ من الإنسان، وهي المكافأُ من الإنسان أو المعاقب ... فمهما لبِست هذه الروح أقنعة تتقلب فيها ضمن درجات الحياة وتنقلاتها، فهي تبقى السرَّ الباقيَ من الإنسان، وهي مناط التكليف ومحطُّ الوعدِ والوعيد ... فتارة سماها القرآنُ الروح ... وتارة سماها النفس ... وتارة سماها القلب ... باعتبارات شتى. إذن بنيانُ الحضارةِ الإنسانية التنموي بدأ من نقطةٍ أغفلها الغربيون وهي أن البعدَ الروحي للإنسان هو أهم شيءٍ في كيانه { ويسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً }، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3029



  3. #3
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 13

    الحلقة الثالثة عشرة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...



    فهذه هي الحلقة الثالثة عشرة من حلقات برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد وصلنا في الحلقة الماضية إلى الحديث عن حقيقة الإنسان وجوهره ... بين هذه المخلوقات ... نحن نلاحظ أن الإنسان هو الكائن الوحيد بين كل الكائنات التي نراها من حولنا يتمتع بالعقل الذي يميزه عن باقي الحيوانات العجماوات .... فالإنسانُ يتكون من مركبات ثلاثة (الجسد ... والغرائز النفسية التي يشترك فيها مع كافة الحيوانات ... والروح القابعة في كيانه) ... هذه الروح هي غيرُ الروح التي يتمتع بها سائرُ الحيوانات، هذه الروح تشعُّ على الدماغ فيتشكلُ العقل، وتشع على القلب فينبضُ القلب بالمشاعر والوجدانات التي لا تشاركه فيها باقي الحيوانات، وتشع هذه الروح على الجسد فتحيلُه حركة ونشاطاً؛ فتعلمُ أن هذا الإنسانَ ينبض أمامك بالحياة ... فمهما شعتْ روحُ الحيوان على دماغه لا نجد لها عقلاً، وإنما نجد لها غرائزَ تسير وفقها وعلى هداها ...

    ولنلاحظْ كيف بيّن الحق ـ جل وعلا ـ هذا التكريمَ الذي كرّم به الإنسانَ، فقال عن أبينا آدمَ عليه السلام ـ مخاطباً وآمراً ملائكته بالسجود له ـ: { فإذا سويته } أي آدمَ { ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }، ونلاحظ هنا كيف أن الحقَّ ـ سبحانه وتعالى ـ نسب هذه الروحَ إلى ذاتِه العلية تشريفاً وتقديساً، فقال: { روحي }، وياء النسبة هنا تدل على التكريم والتشريف ـ كما يقول علماء العربية ـ بسر هذه الروح التي كرم الله بها الإنسان ... كرم الإنسان ... وصار صالحاً لتلقيَ الخطاب وصالحاً لإقامةِ الحضارة الإنسانية المثلى، قال تعالى: { إني جاعلٌ في الأرض خليفة }، وقال أيضاً: { هو الذي أنشأكم من الأرضِ واستعمركم }، أي كلفكم بعمارتها....

    وما هو الإسلام ؟ ... باختصار هو مائدةٌ غنيت بكل ما يصلح لهذا الكائن البشري من غذاء ودواء، فيها طعامٌ للجسد؛ لينموَ ويصلحَ شأنُه، وفيها طعامٌ للغرائز؛ لتعتدلَ وتقضيَ هذه المهمة الإنسانية المنوطة بها، وفيها غذاءٌ للروح ... وإن شئت قلت: (غذاءٌ ودواء للعقل) ... وإن شئت قلت: (غذاءٌ ودواء للقلب) ... وإن شئت قلت: (غذاء ودواء للشعور) ... وإن شئت قلت: (غذاء ودواء للسلوك). لكنِ المطلوبُ أن يأخذَ كلُّ مركَّب من مركبات هذا الإنسان غذاءَه الخاص به، دون أن يطغى ويكبرَ هذا الجزءُ على حساب الأجزاءِ الأخرى ... ويجب أن يكونَ للروح أيضاً غذاؤها؛ ليقودَ هذا المركِبَ الكامل إلى برِّ الأمان. قال تعالى: { قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً }.

    نحن حقاً لا يمكن أن نتوصلَ إلى ماهيّةِ الروحِ وحقيقتِها، ولكننا نستطيعُ أن نتعرّفَ على آثارِ هذه الروحِ المتجليةِ علينا، وقصةُ هذه الروح ... قصةُ أشجان، هي من عالمٍ غيرِ عالمِ المادة ... من عالمِ الأمر كما وضعها الله تعالى في القرآن الكريم، أتى بها من عالمِ الملإِ الأعلى وأُهبطت بأمرٍ من الله تعالى إلى هذا القفصِ الجسدي لتُحبَسَ فيه إلى حين، وتخوضَ هذه التجربة البشرية { إنا عرضنا الأمانة على السمواتِ والأرض والجبال فأبينَ أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً }، فالروحُ هي سرُّ الإنسانِ وجوهرُه، وهي المخاطبُ والمكلفُ والمعاتب والمحاسب ... وهي التي سمّاها القرآنُ على اعتباراتٍ تارة: (النفس)، وتارة: (القلب)، وتارة: (العقل)، وتارة: (الروح)، وتارة: (الإنسان). فكيف كانت التنمية البشرية في جيلِ الحضارة الإنسانيةِ لمسمّى الإنسان على ضوءِ مـا ذكرناه عن الروح ؟ .... هذا ما سنبحثه في الحلقة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3031



  4. #4
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Cool الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 14

    الحلقة الرابعة عشرة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر، والصلاة والسلام على خير البشر، وعلى آله وصحبه أجمعين، صلاة وسلاماً متلازمين إلى يوم الدين. أعزائي المستمعين ... إخوتي وأخواتي .... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...


    فهذه هي الحلقة الرابعة عشرة من حلقات برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد حط بنا المطاف في الحلقة الماضية عند سؤال طرحناه وهو: كيف كانت التنمية البشرية في الجيلِ الذي أسّس للحضارةِ الإسلامية على ضوء ما ذكرناه بأن الروحَ هي سرُّ الإنسان وجوهرِه، وهي الآمرةُ في كيانِه، والباقي لها خدم وعون ...


    قلنا: هذه الروحُ هبطت من عالم الملإ الأعلى ... عالمِ طهرٍ ونقاء ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ كلّ مولودٍ يولد على الفطرة، فأبواهُ يهودانِه أو ينصرانه أو يمجسانه ]، ولم يقل أو يسلمانه... لأنه على الفطرة، ولو خليت الروحُ وما كانت عليه لم تحتج لأي عناءٍ على طريق الاستقامةِ والهدى والدين ... لكنْ لما أُنزلت هذه الروحُ إلى عالم الملك ... إلى عالم الشهادة كما بيّن ذلك القرآنُ الكريم اختلطت بها غرائزُ النفس، وصارتِ الغرائزُ النفسية مع الروحِ تسمى بالنفسِ الإنسانية ... تماماً كما لو أتينا بكأسِ ماءٍ عذب رقراق وألقينا فيه شيئاً من الأتربة، يتغيرُ الماء بهذا الوافدِ عليه ... لكنه يصبح معه كتلة واحدة.

    هذه الأتربة هي بمثابةِ الغرائز النفسية، وهذا الماءُ الصافي هو بمثابةِ الروح، وأصبح اسم المركب كله النفس ... مع أخذ العلم بأن الغرائزَ النفسية وُجدت في الإنسان لحكمةٍ بالغة ... فميلُ الذكر للأنثى هو لحفظ بقاءِ العنصر البشري ... والجوعُ لقيام الجسدِ والحفاظ عليه... وهكذا فالصفاتُ النفسية ... يُطلب منها أن يكون الإنسان على حدِّ الاعتدال لا يُفرِط ولا يُفرِّط، وعند الاعتدالِ في هذه الصفات يكون الإنسانُ عندئذٍ على خُلقٍ حسن، فالإنسانُ ذو هيئةٍ ظاهرة له، وله هيئةٌ باطنة ... أما هيئتُه الظاهرة فقوامُها في الوجه مثلاً أربعةُ أركان ... العينان والأذنان والفمُ والأنف ... فلو افترضنا أن رجلاً ما أوِ امرأة كان غاية في الجمال أو كانت غاية في الجمال ... ثم طرأ معه أو معها طارئٌ ـ والعياذ بالله ـ خسرَ معه ركناً من هذه الأركان الأربعة، كأن قُطع أنفُه أو ذهبت عينه، فما الذي يبقى من هذا الذي يسمى جمالاً ...

    إذن أُوْلى درجات الحسْن الذي لا حسْن دونه أن توجدَ هذه الأركانُ الأربعة وباعتدال، ثم تأتيَ بعد ذلك الزيادةُ في درجات حسن الوجه ... وكذلك للهيئة الباطنة للنفس أربعةُ أركان. هذه القوى هي: قوة العقل - قوة الشهوة - قوة الغضب - وقوة العدل: أربعة قوى: ـ عقل ـ شهوة ـ غضب ـ عدل ... هذه القوى في باطن النفس البشرية هي بمثابة أركانٍ لهذه الهيئة الباطنة للإنسان ... كما أنّ للهيئة الظاهرة للإنسانِ أركاناً أربعة؛ هي قوة العقل وقوة الشهوة وقوة الغضب وقوة العدل، فلو اِجتثت أية قوة من هذه القوى من الإنسان ... لو نقص أي ركن من هذه الأركان الأربعة ... أو لو تضخم كثيراً أي ركن من هذه الأركان الأربعة: العقل والشهوة والغضب والعدل، لو تضخم أو تلاشى لكان هناك تشوهٌ وقبح في الهيئة الباطنة للنفس الإنسانية، وسنشرح ما تعنيه هذه الأركانُ الأربعة، وكيف اعتدالُها في الحلقةش القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3034



  5. #5
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Cool الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 15

    الحلقة الخامسة عشرة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ... الرحمن الرحيم ... مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...



    فهذه هي الحلقة الخامسة عشرة من حلقات برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وقد قلنا في الحلقة الماضية أن الإنسانَ ذو هيئةٍ باطنة كما هو ذو هيئة ظاهرة، ولهيئتِه الباطنة أربعةُ أركان هي: قوة العقل وقوة الشهوة وقوة الغضب وقوة العدل ... والحقيقة أن هذه الأركانَ الأربعة للهيئة الباطنةِ لنفس الإنسان هي التي إن اعتدلت وجمُلت؛ كان الإنسان ذا خلقٍ حسن، وهي التي إن قبُحت وانحرفت ذات اليمين أو ذاتَ الشمال؛ ضلت وساءَ خلقُ الإنسان. وإن أيَّ عمل أو سلوكٍ يتجلى من الإنسان إنما هو صادر عن خُلقِه المستكِن في نفسه، وليس دائماً شكلُ السلوك ينبئُ عن حقيقة الخُلق؛ فقد تجد إنساناً سخياً في دفعِ المال، لكنْ لعلة غيرِ صفة الكرم؛ حتى يقالَ إنه كريم ... وقد ورد في الحديث الشريف أنه يؤتى برجلٍ عالم تعلّم وعلّم دينَ الله في الدنيا ... يقول يارب ... نشرتُ دينَك ... علّمت الناس، فيأتيه الجواب ...


    إنك علمت: ليقالَ وقد قيل ... أي ليقال إنك عالمٌ، وقد قيل ... ويؤتى برجل آخرَ ... يقول يارب ... جاهدت في سبيلك ... فيأتيه الجواب ... إنك قاتلت ليقالَ إنك شجاع، وقد قيل ... إذن فالخُلق الحسَن هو صفة مستكنة في النفس قبل أن تكونَ سلوكاً ... فلنبدأْ بشرح القوةِ الأولى من القوى الأربعة التي هي أركانُ الهيئةِ الباطنة للنفس: القوة الأولى هي قوة العقل ... ويقال لها أيضاً قوة العلم ... وهي ملَكة وقوةٌ مكّن اللهُ الإنسانَ منها ... كي يستطيعَ سياسة أمورِه في الدين والدنيا ... فلا تجدُ إنساناً مكلفاً لم يُمتّعْ بهذه الملَكة وهذه الصفة إلا إنساناً ذا قصورٍ عقلي اقتضت حكمةُ الله أن يكونَ كذلك ... والمطلوبُ من الإنسان أن ينمّيَ هذه الملكة ... هذه الصفة ... هذه القوة، وتبدأ مسؤولية تنميتِها على الوالدين في المنزل، ثم بعد ذلك على عاتقِ المعلم والمعلمة في المدرسة، ويشترك كل من له علاقة بصياغة مفاهيم الإنسان عما حوله من الكون والإنسان والحياة ... يساهم مساهمة ما في صياغة وتنمية هذه القوة العاقلة ... حتى إذا بلغَ الإنسان أشُدَّه صار التكليفُ ملقىً على عاتقه، ولا يَعذره عاذر في تقصيره في رعايتِه لهذه القوة لهذه الصفة لهذه الملكة التي وكله الله إياها ... فبعد أن كانت هذه الملكة للتكرار فقط .. للحفظ فقط .. للتلقين فقط .. يكون التمييزُ بين الأشياءِ ثم شيئاً فشيئاً يكتملُ عقدُ هذه الملكة عند كل مكلف ... ويتفاوتُ الناسُ بعد ذلك في تنميتهم لقوةِ العقل أو قوة العلم كما قلنا ... ونحن هنا لا نتكلم عن فروقاتٍ في الذكاءِ قضى الله ـ سبحانه وتعالى ـ أن يتفاوتَ الناسُ بها { ليتخذَ بعضهم بعضاً سُخرياً } كما قال ربنا جل وعلا ...

    ولكننا نتكلمُ عن قوةِ العقل وقوة العلم ... وليس عن الذكاءِ، فقد تجدُ إنساناً ذكياً جداً، ولكنه لم يستخدمْ ذكاءه هذا فيما ينفعُه ... لا يدرك من ذكائه هذا ... إلا شقاءً ومصائبَ عليه وعلى من حوله ... ذكيٌّ جداً لكنه لا يدرسُ في مدرسته ... ما نفعُ ذكائه ... ذكيةٌ جداً ... لكنْ لا تستغلُ ذكاءها إلا بالإيقاع بين الناس ... إلا بالنميمةِ بينهم ... ذكيٌّ جداً لكن لا يستغل ذكاءه إلا في كيفيةِ غشِّ المجتمع بالبضائع الفاسدة ليتوصلَ بذلك للربح المادي ... ثم يقول لك: (حلال على الشاطر) ... نعم حلال إذا كان بطريق حلال ... وقد تفردتِ التنمية الإسلامية ... وإن شئتَ قلت: (التربيةُ الإسلامية) ... وإن شئت قلت: (علمُ السلوك في الإسلام) ... وإن شئت قلت منه القرآن ... تفرد بصياغة قوة العقل وصيانتها ...

    ونتابع شرحَ قوةِ العقل هذه في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى ... والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3037



  6. #6
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Wink الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 16

    الحلقة السادسة عشرة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ... الرحمن الرحيم ... مالك يوم الدين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أعزائي المستمعين ... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...



    أيها الأخوة والأخوات... فهذه هي الحلقة السادسة عشرة من حلقات برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... قلنا في الحلقة الماضية أن الله متّعَ الإنسانَ بأربعةِ قوىً تشكل له الهيئة الباطنة للنفس وباعتدال، هذه القوى الأربع ... التي هي قوة العقل وقوة الشهوة وقوة الغضب وقوة العدل ... باعتدالها يتشكلُ حسْنُ الخُلق عند الإنسان ... الذي هو المفتاحُ الحقيقي والنواةُ الأولى لتشكيلِ الحضارة الإنسانية المثلى التي متّع الله بها أجدادَنا في ما مضى، ...

    باعتدال قوةِ العقل تتشكل الحكمة عند الإنسان ... وهي الوسيطة ... وإفراطُ هذه القوة ... يتولد عنه الخبثُ والمكر والخديعة ... وتفريطُ هذه القوة ... يتشكل عند الإنسان الغباوة والحمق والبلادة ... وقلة الخبرة في الحياة .. والسطحية في الأمور ... وعدم التبصر والطيش ... فترى الانسانَ الحكيم يضعُ الأمورَ بموازينِها ... يتصرّف التصرّفَ اللائق، وكلما اعتدلت هذه القوة قوةُ العقل ... كلما اعتدلت واستقامت أكثر ... وكلما كان صاحبُها ذا حكمةٍ أكثر ... والحقيقة أن نورَ البصرِ كنورِ البصيرة، نورُ البصر يحتاج إلى نور من جنسِه يتحدُ معه عملية الرؤيا في حدقة العين ... فلو أن إنساناً دخل كهفاً مظلماً لن يرى ـ ولو كان بصره حاداً ـ إن لم يكن هناك نورٌ يرى من خلاله .... فلا بدّ من وجود نورٍ في البصر ونور في البيئة والمحيط حتى تتمَّ عملية الإبصار، وكذلك نورُ البصيرة ... الذي هو العقل ... لا بدَّ من نور يناسبه من خلاله يتبصر ... هذا النور هو العلم ... وأولُ علم ... كان في هذه الدنيا ... علمُ الوحي ... هو الذي يمكن أن يخبرَك بما يهمُّك مما حصل ماضياً ... أو يخبرُك بما سيأتيك غداً ... من الذي يستطيع أن يعرِّفَ الإنسانَ على رحلته التي قضاها ... قبل أن يولد ... عن نشأته عن مهمته عن مستقره ... إلى أين يذهب ... ما الذي بانتظاره ... ما هو الموت ... ماذا بعد الموت ... لا يستطيعُ أن يقوِّمَ هذا ويدلَّ عليه ويطمْئنَ العقلَ إلى أنه أتاه حقيقة إلا الوحي الصادق ...

    ولذلك أمر الإسلامُ أبناءه بداية أن يتحققوا بما يعتقدونه، ورسم لهم قصةَ النشأةِ ونهايةَ القصة ... الرحلة بكل فصولها ... لا تتخلف ... وكان هناك الخطابُ الإلهي للإنسان: { ولا تقفُ ما ليس لك به علم ... إن السمعَ والبصر والفؤاد ... كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً } ... إن الإسلامَ لم يُردْ من الإنسان أن يقيمَ اعتقادَه بالدين الحنيف نفسِه إلا على أساس العلم ... فكم أكرم بذلك الإنسانُ ... ولطالما حاججَ القرآنُ بشكل منطقي الذين يبحثون عن الحقيقة بشكلٍ منطقي وبحوارٍ رائع ... انظر عندما يقول لهم: { لو كان فيهما آلهة إلا اللهُ لفسدتا }، انظر عندما يعدد الخلق ... وأنواعَه وإعجازه ثم يقول: { فتبارك الله أحسنُ الخالقين }، انظر عندما يقول: { ألم ترَوا أن الله سخّر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمّه ظاهرة وباطنة ومن الناسِ من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير }، ويقول أيضاً: { هو الذي جعل لكم الأرضَ ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقِه وإليه النشور } .... كل ذلك ليدلَّه على الاحتكام ... للعلم على الاحتكام ... للتدبر ... على التروي في أموره ... وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مرة لسيدٍ في قومه ... [ إن فيكَ لخصلتين يحبهما الله ورسوله الأناةَ والحلم ] ...


    خلاصة القول: إن قوة العقل ... إذا اعتدلت هدتْ صاحبَها إلى الحكمةِ والتبصُّر، وإن أفرطت أوصلتْ صاحبها على المَكر والخديعة ... وإن فرّطت أوصلت صاحبها إلى الحمق والغباوة والطيش، وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3040



  7. #7
    موقوف
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    292
    معدل تقييم المستوى
    0

    Cool الأستاذ محمد بدرة على إذاعة صوت الخليج 17

    الحلقة السابعة عشرة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين ... حمداً طيباً مباركاً فيه ... والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أعزائي المستمعين ...السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد ...


    فهذه هي الحلقة السابعة عشرة من حلقات برنامج: [التنمية البشرية بين المادية والروحانية] ..... وما زلنا نشرح الهيئة الباطنة للنفس الإنسانيةِ التي باعتدالها وتنميتها على هذا النحو يتكوّنُ حسْن الخُلق ... الذي هو مفتاح الحضارة الإنسانية المثلى التي كلف الله عبادَه بإنشائها على وجه الأرض ... وقد قلنا أن أركانَ الهيئةِ الباطنة للإنسان أربع: قوة العقل ... وقوة الشهوة .... وقوة الغضب ... وقوة العدل ...

    وقلنا أن قوةَ العدل ... أو قوة العلم ... هي التي باستقامتها تتشكل الحكمة ... وبإفراطها يتشكل الخبث والمكر ... وبتفريطها يتشكل الحمق والغباوة في النفس البشرية ... ويتفرع عن ذلك صفاتٌ كثيرة هي بمثابة الفروع لها ... قال تعالى: { ومن يؤتَ الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراً } ... وقد حرص الإسلامُ على إقامةِ القاعدة العريضة لقوة العلم لكلِّ الناس، ثم يتفاوتون باجتهادِهم وبذلهم في سبيل تحصيل التفاصيل ... والعلمُ: وهو معرفة الأمور على ما هي عليه في الواقع. لذلك حرص الإسلامُ على توفير القاعدة العريضة للعلم التي لا يمكنُ للإنسان الوصولُ إليها من خلال مجهودِه الفكري ... وخلاصة الأمرِ أن العلومَ والمعارفَ الجزئية لا تتمُّ على وجهِها الصحيح ... إلا إذا أسّست هذه المعرفة ضمنَ قاعدة واسعةٍ من العلم ...

    مثال: أنا مهما تخصصتُ بمعرفةٍ مدينة ما على الخارطة؛ لا يمكن أن تأتي معرفتي بثمرتِها المرجوة منها .... ولا يمكن أن أستخدمَ معلوماتي هذه إلا في نطاقٍ عام من موقع هذه المدينة في أي بلد، وأي قطر في أي قارة يقع، وهذه القارة تقع على الأرض ...هذه المعلوماتُ البسيطة تعطي لتخصصي بعداً آخرَ من المعرفة يستوي فيه ... ويتحققُ عندئذٍ قولُه تعالى: { إنما يخشى اللهَ من عبادِه العلماءُ } ...

    فإن العلمَ الذي يورثُ الخشية هو هذا العلمُ الذي يكون ضمن المعرفةِ الإنسانية، كالإطارِ الجامع لجزئياتِ هذه المعرفة ... وهذا قد تجلى في القرآنِ بشكل واضح ... وسنأخذ بعضَ المعارفِ والعلومِ التي تشكّل عند الشريحةِ الأوسع ... القاعدةِ الأكبر من الناس علوماً ومعارفَ لا يمكنُ أن يحصلَّها الإنسانُ إلا من خلال الوحي، سنأخذ مثالاً على هذه التنميةِ المعرفية (التي تتعلق بالتفكير بدايةً قبل الشعور والسلوك) ... تعريفُ القرآنِ للإنسانِ بعناصر الحضارة التي هي (الإنسان – الكون - الحياة) ... عندما تتعرّف الشريحة الأوسعُ من الناسِ فكرياً على عناصر الحضارة فهم يصبحون حضارياً بشكلٍ كبير ومعجِز قادرين على التعاملِ الحضاري والنهضةِ بحضارة هذه الأمة ... فنحن نعلمُ أنه لكي يعمَّمَ مفهومٌ حضاريٌّ ما ... يجب أن يقتنعَ به معظمُ الناس ... يجب أن يُذاعَ على كل الناس، وقد كان القرآنُ ينمّي مُتبعيه ... ويعرّفهم على هذه القاعدةِ العريضة العلمية للحضارة الإنسانية التي ينبغي أن تشملَ جلَّ أبناءِ الحضارة إن لم نقل كلَّهم ... لا بدّ أن تكون أيُّ معرفة ... أي عملية تعليمية ... أيُّ عملية تربوية ... تلحظُ عدمَ وجودِ أيِّ تعارضٍ أو تشاكس في العمليةِ العلمية. ومشكلتُنا اليوم أننا نعاني كثيراً من هذه التناقضاتِ والاضطراباتِ المعرفية التي تؤدي في المحصلة عند الطلاب ... وأبناءِ المجتمع إلى عدم الاستقرارِ النفسي ...


    مثال: يدخل أستاذُ مادة التربيةِ الإسلامية إلى الفصل ليقرأَ للطلابِ قِسطاً من آياتِ الله عن قصةِ نشوءِ الإنسان ... وأنه خلقه من تراب ... ومن طين ... إلى آخر ما يعرفه كلُّ مسلم ... ثم يدخل أستاذُ البيولوجيا .... ليمليَ عليهم النظرية الداروئية ... نظريةَ النشوءِ والارتقاء، وأن الإنسانَ تدرج في الخلق بطفرةٍ تحوّلَ فيها قردٌ من ملايين السنين إلى الإنسان ... هذا مثال لحالةٍ من حالاتِ التناقض والتشاكس ... وهناك أمثلة كثيرة ... طبعاً أنا لا أبالي بأي حوارٍ حول أيةِ فكرةٍ أو نظرية ... لكن أن توضعَ في إطارِها الصحيح ... فلا أعرِّضُ الطفلَ للجراثيم قبل أن ألقحَه بلقاحِ المناعة من هذه الأمراض ... كيف أعتني بالجسد ... العنايةُ بالعقول وبجوهرِ الإنسان أهمُّ وأعظم ... وكما أن الأطباءَ يقومون بخدمةِ ورعاية الأجسادِ وتحصينِها، كذلك المربُّون يقومون بواجبِ تحصين العقولِ وحمايتها، وإلى اللقاء في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالى والحمد لله رب العالمين.

    http://annajah.net/arabic/show_article.thtml?id=3043



الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178