شكرا اخني ناديا![]()
و اتابع الموضوع حول الاصدقاء و اختيارهم
وبما أن الصديق له الأثر الكبير على حياة الفرد والمجتمع، فلابد أن نختار من تكون تأثيراته محمودة، فالواجب أن لا نبحث عن الصديق فحسب، بل عن الصفات التي يتمتع بها، ومن أهم الصفات التي أكد الإسلام على ضرورة توفرها في الأصدقاء العلم والحكمة والعقل والزهد والخير والفضيلة والوفاء والخلق الكريم والإخلاص والأمانة والصدق.. إلخ. ويضيف علماء النفس إلى هذه الصفات السامية أيضاً، الثقة بالنفس وكل ما يوحي بالقوة والاستقلال والميل إلى الحياة الاجتماعية، مع خفة الظل والانبساط والاعتناء بكل ما هو محبب، هذا بالإضافة إلى صفة التدين وهو كل ما يشير إلى الإيمان بالله وأداء الفرائض الدينية؛ وبذلك فإن الصفات التي أكد عليها الإسلام الحنيف، تتفق في معظمها مع الصفات التي أكد عليها علماء النفس. ومن هذا نستخلص، أن الصداقة في كل الأحوال لابد أن تكون قائمة على الخلق الإنساني الرفيع.
لذا على الفرد أن يكون حذرا ً في اختيار أصدقائه؛
يقول رسول الله(صلى الله عليه وسلم): (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل)
كما فقد حذر القرآن الكريم من السقوط في شرك (قرناء السوء) قائلاً: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض شيطاناً فهو له قرين) (الزخرف: 36).
إلا أن البعض قد يتخوف من هذا الأمر بشكل كبير ، فيؤثر الوحدة في الحياة على الصداقة مع الناس ، وبعض الناس على العكس من ذلك، إذ يتخذ من عملية الصداقة بحد ذاتها هواية ، فيكثر من الأصدقاء دون أي حساب، وكلا الطريقين خاطئ، فليس من الصواب أن يتخذ الإنسان أصدقاءً بلا حساب، كما ليس من الصحيح أيضاً أن يعيش الإنسان في عزلة عن الناس؛ لأن العزلة حالة مخالفة لفطرة الإنسان الاجتماعي بالطبع، وليس من مبادئ الإسلام أن يعتزل الإنسان نظراءه في الخلق، بل عليه أن يصادق الطيبين منهم، وإذا لم يوجد إلا الناس السيئون، فلا بد أن يكون معهم كإنسان من دون أن يكون معهم في مواقفهم الخاطئة.
فلا وجه لاعتزال الناس، والابتعاد عن الصداقات؛ فقد أكدت الدراسات النفسية اقتران افتقاد القدر المناسب من الأصدقاء بالعديد من مظاهر اختلال الصحة النفسية والجسمية، مثل الاكتئاب والقلق والملل وانخفاض تقدم الذات والتوتر والخجل الشديد والعجز عن التصرف المناسب عندما تستدعي الظروف إلى التفاعل مع الآخرين، بالإضافة إلى ضعف مقاومة الأمراض الجسمية والتأخر في الشفاء.
غير أن بعض الناس يقول متسائلاً: بماذا ينفعني الأصدقاء؟ هل سأحصل منهم على الملايين؟ والجواب هو: من قال بأن الملايين هي منتهى ما يحتاجه الإنسان؟ فالأصدقاء بالإضافة إلى ما يوفرونه من لذات الحياة ومعانيها فهم سلالم المجد للإنسان أحياناً، وإن الحياة الحقيقية هي أن يعيش الإنسان مع جماعة ويشاركهم أتراحهم وأفراحهم؛ فإن أكبر عقوبة يواجهها الإنسان هي عقوبة السجن الانفرادي ، فالأصدقاء ينفعوننا في الدنيا حيث يقضون حوائجنا، ويساعدوننا في أزماتنا ومشاكلنا، أما في الآخرة فهم يشفعون لنا، فلو أن رجلاً كان في الدنيا صديقاً لأربعين مؤمناً، أليست شهادة هؤلاء على صلاحه تنفعه يوم القيامة، أو على الأقل تخفف عنه العذاب؟!.
فالصداقة بالإضافة إلى أنها تنفع في الدنيا، فهي قضية دينية مرتبطة بالدين، ولربما يعاقب الإنسان على تركها يوم القيامة؛ فهي حاجة روحية للإنسان جعلها الإسلام بمنزلة عبادة يثاب عليها مع كل صديق بدرجته في الجنة .
وبالإضافة إلى كل ما تقدم فإن للصداقة أهمية كبيرة من الناحية النفسية للإنسان، مثل الشعور بالحب والمشاركة الوجدانية، والإفصاح عن الذات وعن بعض المشاكل والهموم، وتلقي المساعدة في الشدة، والاكتساب والتنمية، وإعداد الشخص لمواجهة المجتمع ، هذا بالإضافة إلى المرح والترفيه وإدخال السعادة والبهجة على الصديق، والمشاركة في الميول والهوايات.
وبعد كل ما تقدم، لا يبقى هناك مجال للشك، حول أهمية وضرورة الصداقة في حياة كل فرد في المجتمع، والتي أكد عليها الإسلام واعتبرها قضية مقدسة؛ فلا توجد بعد العبادات والإيمان، أفضل من اكتساب أخ مؤمن وصديق صالح، كما يقول الحديث الشريف: (لا يقدم المؤمن على الله بعمل يوم القيامة - بعد الفرائض - أحب إلى الله من أن يسع الناس بخلقه).
فالصداقة تغذي الأخلاق، وتستثمر المبادئ. والأصدقاء كنوز، يجب البحث عنهم، وتحمل التعب من أجل اكتشافهم، حتى لا يختلط علينا الحجر والجوهر، فننتقي الأحجار ظناً منا أنها الجواهر
منقول
المفضلات