التغيير الثقافي و الضغط الخارجي
----------------
يعتبر التغيير الثقافي استجابة حتمية للضغط الخارجي للمؤسسة، فهو استجابة ضرورية للتكيف الاستراتيجي للمؤسسة، غير أن هذا التكيف يتولد عنه بعض النتائج على مستوى هياكل و إجراءات التسيير، أي على مستوى النظام الداخلي الذي بدوره يعتبر مكون لخصوصيات فاعلة تشكل الثقافة.
لقد اصبح الضغوطات الخارجية اليوم معروفة جيدا و محددة، و تتمثل حسب الفكر الأمريكي في الغالب فيما يلي:
1- تغيير قواعد المنافسة: فالانفتاح على المنافسة للأسواق المتميزة بالحماية يفرض تغييرا استراتيجيا و هيكليا و ثقافيا كبيرا.
2- تطور التقنيات: إن تطور بعض المؤسسات (البنكية) مرتبط بصورة أساسية بتطور أنظمة المعلومات و ظهور منتجات جديدة محفزة لهذا التطور.
3-مواجهة التحدي الياباني: إن قدرة التنافسية للمؤسسات اليابانية تكمن أساسا في نمط و نوعية تسييرها و في درجة إدماج و مشاركة الأفراد، مما جعل المؤسسات الأمريكية تدرك انه من الضروري أن تغير تنظيمها و ثقافتها
1- عولمة الاقتصاد: لقد ساهمت هذه الأخيرة في تغيير فكرة السوق المناسبة، كما ساهمت في زيادة تعقد الصفقات و الاندفاع نحو التحالفات، مما يعني بروز شكلا جديدا للعمل أو النشاط.
إضافة إلى هذه الضغوطات الخارجية عموما السياسية و الاقتصادية، توجد كذلك ضغوطات ثقافية و اجتماعية و بالأخص اتجاهات الأفراد اتجاه السلطة و العمل، فهي تختلف عن ذلك في سنوات 1960، فمكنزات المراقبة من العلي أصبحت اقل قبولا اليوم، مما يجعل الضغوطات الثقافية تتعلق أساسا بالجانب الشخصي أو بالأفراد.
إن ضرورة التغيير الثقافي الداخلي لمواجهة هذه الضغوطات شيء معروف و معترف به غير أن تجارب الواقع أثبتت أن التغيير لا يتحقق دائما أي أن عملية التغيير الثقافي لا تتم إلا إذا كانت الضغوطات قوية بشكل كاف، فالتغييرات الحقيقية لا تتدخل إلا إذا ظهرت الأزمة.
التغيير الثقافي و مرحلة التطور
---------------------------------------------------------
يرتكز التغيير الثقافي على نوع مرحلة التطور التي تعيشها المؤسسة في دورة حياته, فالمشاكل التي تواجهها المؤسسة تختلف باختلاف مراحل حياتها (النمو، النضج، الزوال)، مما يجعل معالجتها تختلف حسب اختلاف هذه المراحل، فالمؤسسة ذات بعد تاريخي يبرز خصوصا في أنواع متميزة من الاستراتيجيات و الهياكل و تتميز في مجملها (كالهياكل، الأنظمة، التقييم و أنظمة المراقبة) ببعد انسجامي فكل جملة من هذه الخصائص التنظيمية ما هي في الحقيقة إلا "طريقة في الحياة" متميزة.
إن انسجام هذه الخصائص يعكس كفاءة المنظمة، لقد أثبتت بعض الدراسات أن العديد من الاستراتيجيات لعدة مؤسسات بإمكانها أن تحقق النجاح في مرحلة التطور بشرط أن تتضمن كل استراتيجية هيكل و أنظمة و إجراءات منسجمة فيما بينها ،غير أن سوء فهم، و سوء استقبال أعضاء المنظمة للأوامر و كذا لأهداف المنظمة يجعل هؤلاء الأفراد يكتسبون سلوكيات غير واضحة مما يطرح بشدة أهمية السلوك الثقافي للمنظمات.
و يبرز مشكل مراحل التطور بشكل حرج في خمسة حالات:
1-حالة مؤسسة كبيرة، ارتكزت نجاحاتها الأولى على ثقافتها، و تصل إلى حجم أو إلى مستوى الاحتراف، فان التغيير هنا يطرح بشكل صعب، خاصة مع الاحتفاظ بنفس العناصر الفاعلة
2· حالة مؤسسة وحيدة المنتج، تقرر تنويع منتجاتها من خلال التطور الداخلي أي من خلال نشاط جديد يتطلب ثقافة جديدة وعليها أن تتعايش مع الثقافة القديمة التي تعتبر أقوى منها بكثير، مثل حالة IBM مع منتج PC.
3-حالة مؤسسة ترغب في التعدد من خلال اكتساب مؤسسة أخرى أو عدة مؤسسات لديها نشاطات مختلفة و بالتالي ثقافات مختلفة و هو ما يطرح مشاكل ثقافية عويصة في الاندماج
4-حالة مؤسسة تمارس عدة نشاطات و تواجه صعوبة في ممارسة كل هذه النشاطات المختلفة معا، مما يجعلها تضطر إلى الرجوع إلى النشاط الذي تمارسه و تتحكم فيه بشكل افضل
5- · حالة مؤسسة في وضعية سبات عميق و تمارس نشاطا بلغ مرحلة النضج، مما يستدعي إنعاشه، غير أن هذا يبدو صعبا للغاية، و ذلك كون هذا الإنعاش يتطلب دائما خلق ثقافة خاصة كما أن ذلك ما يواجه صعوبات أو مقاومة من طرف العناصر الأخرى للمنظمة.
المفضلات