أضع بين أيديكم .. مقالاً ..بإبداع الأخ المدرب إبراهيم جعمات

قد وصلني منه ردّاً على المقال أعلاه إلى إيميلي .. وها أنا ذا أشارككم به ..


Date: Sun, 9 May 2010 15:12:52 +0000
From:
Subject: Re : منهجية إبداعيةفي استثمار الخلود
To: ranimshaker







شكرا جزيلا لك يا أخت رنيم على ما تقومين به من مجهودات , و على الالتفاتات الدعوية التي ترسلينها لنا بين الفينة و الأخرى , فجازاك الله عنا خير الجزاء .......


غير أن مشاعر الثناء و الإعجاب - التي كانت حبيسة النفس - وجدت في مقال الراشد سبيلا للإفصاح عما يجيش في الصدر من لوعة الشوق إلى الجنة, و مرافقة الحبيب المصطفى عليه الصلاة و السلام.



لا أكتمك سرا إن قلت لك أن الراشد كان لي أستاذا و مربيا , فمن قرأ المنطلق و العوائق و الرقائق و المسار و صناعة الحياة و منهجية التربية الدعوية , و قرأ العشرات من مقالاته و استمع الى مثلها من محاضراته يدرك تمام الإدراك عن أي نوع من الرجال نتكلم .


فهو الفقيه و المفكر و الخبير بشؤون الدعوة و أساليبها , و هو المنظر الذي أضافت نظرياته الحركية و لمساته التربوية إضافات جوهرية إلى واقع العمل الإسلامي المعاصر .



فمقاله الراقي هذا , بأسلوبه البليغ الساحر , و خياله الخصب , جعلني أهيم معه في عالم الفردوس الأعلى , فقد حرك رغبة في الكتابة كانت مخبوءة بين جوانحي و قد آن لها أن تفصح عن نفسها .


و أستسمحكم عذرا أن أضيف مشهدا جديدا لرحلة الخلود هاته ........




التقيته على ضفاف نهر جار , في أعالي الفردوس في أجمل صورة و أبهى حلة , و قد بسط أمامه ملايين الكتب و المخطوطات مع كثير من الأقلام و الدفاتر و الأحبار .


فألقيت عليه السلام , فقام من مكانه و حياني ووجهه مشرق بابتسامة عريضة , ودعاني للجلوس على فراش من حرير فاخر فأحجمت قليلا , فقال لي : اجلس يا بني , لقد لبسنا في الدنيا الخشن من الثياب , و جثونا بالركب على الحصير اليابس أمام الشيوخ , حتى أثر في أجسادنا , و أسهرنا جفوننا في طلب العلم و كتب علينا الحل و الترحال من مكان لمكان , فرارا بديننا , و نشرا لدعوتنا , و تمحيصا لتراث سلفنا , فقد آن لنا الأن أن نجلس على الحرير ونلبس فاخر الثياب , و بعد أن جلست قال لي : من تكون أيها الفتى , عرفني بنفسك فإني أرى آثار النجابة بادية على محياك .


قلت له أنا إبراهيم , سمّاني أبي على نبي الله إبراهيم الخليل طمعا في أن يراني يوما ما معلما أو حكيما , أو أديبا أريبا أو مصلحا متخلقا بأخلاق النبوة , و أنا من أرض الجزائر , بلد الشهداء و المجاهدين .


فطلّع الراشد زفرة عميقة تم قال : أيه يا أرض الجزائر .... كادت أن تكون فرنسية , لولا أن قيّض الله لها رجالا من أمثال ابن باديس و الإبراهيمي ردوها إلى حاضرة الإسلام و العروبة , و كادت أن تكون علمانية لولا أن قيّض الله لها شيخ دعاة الجزائر محفوظ نحناح الذي نجح في ترشيد الصحوة و حمايتها من الإنزلقات.


ثم قال لي الراشد : و لكن كيف تعرفت علي ّ ؟




فقلت له : كيف لا أعرفك و قد بلغ صيتك الأفاق , فكتبك الكثيرة قد ملأت المكتبات , و مقالاتك الرائدة مزدانة بها المواقع و المجلات , و اجتهاداتك قد صوبت المسارات .



فقال لي : و لكن كيف كانت بداياتك ؟



فقلت له : كانت بداياتي نهاية الثمانينيات من القرن الماضي مع كتاب العوائق , إذ



حضرت حلقة دراسية لشرحه , فلم أفهم المقصود لأني كنت حديث عهد بالالتزام , فنصحني أحد المربين بقراءة كتاب المنطلق فقرأته مرات و مرات و فهمته و خبرته و كان كتاب المنطلق بالنسبة لي هو المنطلق الحقيقي , ثم عدت الى العوائق فقرأته و فهمته , ثم شرعت في قراءة كتبك الأخرى المعروفة .




ثم قلت له : أخبرني عن هذه الآلاف المؤلفة من الكتب المبسوطة أمامك , ألم تقرأها في دنياك السابقة فقال لي : قرأت جلها , و لكن لم يمتد العمر بي حتى أحققها و أنقحها و أعلق عليها و أستخرج ما فيها من فوائد , و أقرأ علوما أخرى لم أكن أعرفها من قبل .



فقلت له بلهفة و تعجب : هل تستطيع أن تقرأ و تحقق كل هذه الكتب ؟



فقال لي : أنسيت أنك في جنة الخلود ؟



أه لقد نسيت , فهذا أول يومي في الجنة , فقبل قليل كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم و قد شفع لي عند رب العزة فعفا عني برحمته التي وسعت كل شيء .



ثم نظر اليّ الراشد و قال لي : ألا ترغب في مرافقتي ؟ فقلت بلى و لكن لي برنامج أخر أريد أن أطبقه وفق أسلوبك و طريقتك , فقال ما هو , فقلت له أريد أن أحصل علوما و معارفا قصرت همتي عن إدراكها , أو حالت بيني و بينها ظروف و مآرب , و أن أكمل ما بدأته من إنجازات في ميادين شتى .



أريد أن أضيف الى باقة حفظي للقرآن الكريم ما تبقى من القراءات العشر , و أتتبع المقرئين و رجال السند واحدا واحدا حتى أصل الى أمين الوحي جبريل عليه السلام , ثم أنصرف الى تفسيره و بيان معانيه و بلاغته و إعجازه وإعرابه , حتى أستوفي جميع علوم القرآن الكريم .


ثم أنصرف الى علوم الحديث النبوي الشريف , فأحفظ المتون و الأسانيد , و كل ما أشكل عليّ أمر , إستأذنت حبيبي و قرة عيني محمد صلى الله عليه و سلم فأكحل عيني بالنظر الى وجهه الكريم و أسأله عمّا أشكل عليّ فهمه .


ثم أنصرف الى كلام العرب فأتم ما حفظته من المعلقات العشر ودواوين الشعراء , و حفظ أيام العرب و أنسابهم و تاريخهم ووصاياهم , و خطب البلغاء منهم .




بعد ذلك أدرس تاريخ الأمم و الشعوب من بد ء الخلق الى يوم القيامة , و أدرس لغاتهم و تراثهم و فلسفتهم و أنماط معيشتهم .



ثم أواصل رحلتي في دراسة فكر التنمية البشرية و ما استجد فيها , و أريد أن أزور أساتذتي و مدربيّ و متدربيّ و زملائي المدربين و أطلع على أحوالهم و أخبارهم و مؤلفاتهم , و مواقعهم , وآثارهم .



ولكن أخبرني أيها الراشد : ألا يمكنني استعراض ما حدث في الدنيا بعد رحيلنا منها ؟ فقال هذا أمر بسيط , يكفي أن تفكر في الموضوع أو في الأشخاص حتى ترى مسلسل الأحداث يعاد مرة أخرى أمام عينيك , و تستطيع أن تنتقل من مشهد لمشهد , و تستطيع أن تسأل من حولك و تستفسر .




و في لحظة فكرت في التنمية البشرية , و بدون سابق إنذار, و كأني أمام محرك بحث بأبعاد غير منتتهية نقلني الى مشهد مثير هذه تفاصيله .




في قاعة للمؤتمرات في القدس بفلسطين التي أصبحت رائدة للتقدم العلمي و التكنلوجي , بعد أن أبيدت إسرائيل من الخارطة السياسية و تحالف عليها الحجر و الشجر, و سقطت الحضارة الغربية سقوطا حرا نتيجة لصدامها مع الفطرة و مع سنن الكون فأصبحت دول أوربا و أمريكا فقيرة متخلفة عاجزة .



و في أحد الأجنحة عرضت لافتة كبيرة فيها آثار أقدام و مكتوب عليها هذا البيت من الشعر


و كن رجلا إن أتوا بعده يقولون مرّ و هذا الأثر




فقلت يا إلهي هذا شعاري في الحياة الدنيا, و لكن حيرتي زالت عندما رأيت صورتي و مكتوب تحتها : الذكرى المئوية الخامسة لوفاة مجدد التنمية البشرية


فتجولت في المعرض و الدهشة آخذة بلبي فرأيت بعضا من مؤلفاتي, و بعضا من مؤلفات طلابي, وآثاري وصوري , و مجموعة من رسائل الدكتوراه كتبت عن حياتي و منهجي و آرائي, ثم سألت أحد المشرفين على هذا المعرض: من هذا الرجل ؟ فنظر إلىّ باستغراب و قال لي : هل تهزأ بي ؟ كيف لا تعرف مجدد فكر التنمية البشرية و رائدها في القرون الخمسة الماضية , أم أنك نزلت من كوكب أخر ؟ فقلت له : نعم أنا من عالم آخر و لكن أخبرني بالمزيد عنه : فقال لي : هذا الرجل كان يعيش في القرن العشرين , و كان يطرح أفكارا غريبة , و كان يقال عنه أنه مجنون لأنه كان يعيش في عالم من الخيال .





لقد قام بمجهودات عظيمة في تنقية علوم التنمية البشرية مما لحق بها من بعض المعتقدات القديمة , و أصل منهجها من القرآن الكريم و السنة النبوية , و إليه يعود الفضل في أن أصبحت مادة أساسية تدرس في كل المعاهد و الجامعات , فاتخذها وسيلة للدعوة الى الإسلام بطرق غير مألوفة في عصره , كما أسس العديد من مدارس الإبداع التي حققت نتائج مذهلة في التحصيل العلمي للطلاب , و طور في مناهج التعليم , حتى أوشكت المدارس الحكومية أن تغلق أبوابها


ثم ناولني كتابا و أطلعني على مقال عنوانه : مع الراشد في رحلة الخلود ,ثم قال : هذا نموذج من خياله فقلت له باستغراب : و لكن هذا المقال لم ينشره فيما أعلم , فقال لي و الابتسامة تعلو محياه : لقد نشرت هذا المقال باحثة مشهورة كانت معاصرة له اسمها رنيم , ثم أمسك بذراعي و قال لي : هيا أطلعك على جناحها في المعرض , هذه مؤلفاتها و أوسمتها , لقد حازت على جائزة القدس العالمية , التي حلت محل جائزة نوبل قبل 3 قرون , و لها إضافات و بصمات واضحة في مجال التنمية البشرية .


تم قلت له : هل أطلعك على سر خفي عليكم ؟ فقال و ما هو, فقلت له : إن رنيم هي التي دربت صاحبكم هذا , و إذا أردتم التأكد فما عليكم إلا أن تكلفوا فريقا من الباحثين و يعودوا الى عصر الكمبيوتر ليبحثوا في أرشيف " المدربون المحترفون " و" منتديات النجاح " و موقع " إيلاف ترين ."




و أنا في قمة السعادة مما يحصل معي , أفيق من غفوتي فأ جد نفسي أمام كمبيوتري لأرد على موضوع أرسلته لي رنيم , و ليتأكد لي أنني فعلا مجنون ........ فقررت أن أستثمر في الجنون




و حتى يثبت العكس إليكم مني أفضل تحية و أزكى سلام .


المدرب إبراهيم جعمات

09/05/ 2010


....