اصطحاب النية في كل عمل يؤديه الإنسان، يقول ابن الجوزي- عليه رحمة الله- ” فلا تعظن إلا بنية، ولا تمشين إلا بنية، ولا تأكلن لقمة إلا بنية”.
تنظيم الوقت، فالوقت عنصر أساسي في الإدارة الفعالة والتي تحتاج إلى يقظة تكليفيه، تلك اليقظة التي ستحقق الذات فيها مأربها، وعمر الإنسان ليس كله يقظة فهو مقسم ما بين ونوم وصبا ويقظة، فليعمل المرء على استثمار يقظته أفضل استثمار ليحصّل أحسن تحصيل، يقول ابن الجوزي- رحمه الله -: ” إذا نظر الإنسان في مقدار بقائه في الدنيا، فرضنا ستين سنة مثلاً، فإنه يمضي منها ثلاثين سنة في النوم، ونحواً من خمس عشرة في الصبا، فإذا حسب الباقي كان أكثره في الشهوات والمطاعم والمكاسب فإذا خلص ما للآخرة وجد فيه من الرياء والغفلة كثيراً، فبماذا تشتري الحياة الأبدية، وإنما الثمن هذه الساعات ؟، فانظر كل ساعة من ساعاتك بما تذهب، فلا تودعها إلا إلى أشرف ما يمكن. والساعات تبسط أنفاساً، وكل نفس خزانة، فاحذر أن يذهب نَفَس بغير شيء، فترى في القيامة خزانة فارغة فتندم.”
أن يوجه المرء ذاته نحو هدفه مباشرة، وأن يفيد من ملكاته ومواهبه التي منّ الله عليه بها في تحصيل الكليات التي تعينه في تحقيق هذا الهدف، وأن يحذر من الاشتغال بالاختلاف وفرعيات الأمور. يقول الماوردي- عليه رحمة الله- في كتابه أدب الدنيا والدين ” على طالب العلم أن يجعل ما منّ الله عليه من صحة القريحة وسرعة الخاطر مصروفاً إلى علم ما يكون إنفاق خاطره فيه مذخوراً وكدّ فكره فيه مشكوراً “.
البعد عن المعاصي لما لها من تأثير مباشر في إعاقة الفرد عن تحقيقه لأهدافه يقول ابن القيم- رحمه الله- في كتابه القيم الجواب الكافي- ” أن من الآثار القبيحة المذمومة للمعاصي أنها تعسر أمور المرء فلا يتوجه لأمر إلا ويجده مغلقاً دونه أو متعسراً عليه، وهذا كما أن من اتقى الله جعل له من أمره يسرا، كما أن المعاصي تزرع أمثالها، ويولد بعضها بعضاً، حتى يعز عليه مفارقتها والخروج منها”.
ترتيب الأولويات واستعمال الحكمة في ذلك... فيرتب العبد أولوياته تنازلياً فيبدأ بالكليات وينتهي بالفرعيات لا العكس، سالكاً بذلك مسلك الهدي القرآني في موعظة لقمان الحكيم، لابنه حيث بدأ بالكليات ليتدرج معه بعد ذلك، يقول تعالي ” وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظيمُ “.فبدأ بأعظم الكليات وهي النهي عن الشرك.
أن يتعرف الفرد على قدرات نفسه ومواهبه، وأفضل من يكتشف القدرات ويوجهها التوجيه النافع هم العلماء، فتوجيههم يوفر علي العبد شقاء السنين، يقول الأستاذ حسن أيوب ” إن مشورة العالم توفر عليك عشر سنوات تفنيها تيهاً في قراءة مجلدات لا تناسبك “.
داء التسويف… داء عضال يصيب الشباب خاصة وينتشر انتشار مفزعاً، وهو للذات معيقاً ومدمراً وتفشل معه إدارة الذات، ومرده إلى عدم حمل الهم، فالذات المريضة بهذا الداء تتحرك دون أن تحمل هماً، فإذا حمل المرء هم المسلمين فلا مجال عنده للتسويف وسينجح حينها في إدارة ذاته بالسرعة والفاعلية المطلوبين.
عدم الركون إلى التقليد الأعمى، وأن يكون المرء متميزاً عن أقرانه، فلا يكون مكرراً بل مكملاً وهذا لن يتأتي إلا بمزيد من البحث والمجهود للانطلاق من حيث انتهي الآخرون.
ألا يترخص العبد عند إدارته لذاته، فالإسلام لا يقوم على أعناق المترخصين، وليعلم العبد أنه لو حيل بين هدفه وتحقيقه بفعل معصية وتوقف هدفه فليعلم يقيناً أنه الخير، وأنه سيعوض خير منه.
الانتباه إلى أعداء النجاح، فكلما تميز المرء زاد أعداء نجاحه، لأنه بتميزه يكشف عوجهم، فعليه أن يكون ذكياً في التعامل معهم ، وأفضل طريق في ذلك أن يرضي ربه ولو بسخطهم وأن يجعل البحث عن الحق مقصده، وأن يحذر النفاق بجميع صوره وأشكاله، وأن يصدع بكلمة الحق بأدب وعفة وصدق، وألا يكشف سره وخططه لكل أحد فمن سيساعده على تطوير أفكاره يستعن به وإلا فلا، وألا يكشف عن فكرته العملية للجميع إلا بعد أن يوفيها حقها من المجهود والإتقان والتمكن.
تقسيم إدارة الذات وذلك على المستويات الآتية:
علمياً بترتيب وتنظيم الأولويات العلمية للفرد والتي تناسب قدراته وميوله وأفضلها وأجلها وما ينبغي أن تكون عليه هي ما كانت ذات مردود عملي في المجتمع .
اجتماعياً: بوضع إطار شرعي منضبط لنموذج الرفيق سواء كان صديق أم زوجه.
دعوياً: بتحديد الأساليب الدعوية التي تناسب القدرات والتدريب على التمكن من تلك الأساليب بما يحقق أفضل استفادة من الرسالة الدعوية
تقييم إدارة الذات : من حين لأخر فإن المرء بحاجة إلى تقييم أسلوب إدارته لذاته والمحكم في ذلك هو مدي اقترابه من تحقيقه لهدفه وعلى ضوء ذلك يتم تعديل أسلوب الإدارة.
وفي النهاية فإن العبد ينبغي أن يعلم علماً يقينياً أنه بإدارته لذاته إنما هو يأخذ بالأسباب فهو ميسر لما خلق له، وأن الله سبحانه وتعالى يقدر له الخير، وفق الله جميع المسلمين إلى ما فيه الخير والفلاح .