حكاية الهندسة النفسية

الهندسة النفسية علم جديد لا يشبه علم النفس كما يقول أصحابه، فعلم النفس يهتم بمضمون المشكلة، أما الهندسة النفسية فتهتم بالاطار والشكل والهيكل، أي تهتم بكيفية حصول المشكلة وليس المشكلة ذاتها فعندما يأتي شخص في حالة اكتئاب، فان علم النفس يسأله لماذا أنت مكتئب، أما الهندسة النفسية فلا تسأل عن سبب الاكتئاب، وانما تسأل كيف تولدت حالة الاكتئاب، وهي كمن يسأله كيف سرقت الحقيبة ولا يهمه ما بداخلها.

فالهدف الأساسي للهندسة النفسية هو فهم الانسان بكشف أسراره ومعرفتها وفهمها وتطبيقها، فاذا كان أمر ما ممكنا لبعض الناس، فهو ممكن الى الآخرين كذلك، وبذلك فالهندسة النفسية وسيلة تعين الانسان على تغيير نفسه باصلاح تفكيره وتهذيب سلوكه وتنقية عاداته وشحذ همته وتنمية ملكاته ومهاراته، والتأثير على غيره، وتغيير النفس والآخرين وقد بدأ العلماء الاهتمام بهذا العلم في منتصف السبعينات، وخطا خطوات كبيرة في الثمانينات وانتشرت مراكزه وتوسعت معاهده، وقد افتتحت له مراكز في أروربا، وتم تأليف حوالي 200 كتاب حوله.

وتمت تطبقيات الهندسة النفسية الى كل شأن يتعلق بالنشاط الانساني كالتربية والتعليم والصحة النفسية والرياضية والالعاب، والتجارة والاعمال والرعاية والإعلان والمهارات والتدريب والفنون والتمثيل والجوانب الشخصية الاسرية والعاطفية..

ففي مجال التربية والتعليم يقدم جملة من الطرق والاساليب لزيادة سرعة التعلم والتذكر وإتقان تهجى الكلمات للاطفال وتشويق الطلاب للدارسة والمذاكرة على اساس ان كل انسان لديه استعداد للتعلم بطرق مختلفة يجب على المعلم ان يراعيها ويلبي الاحتياجات المتنوعة لتعليمهم، وفي مجال الصحة النفسية يعالج حالات الكآبة والتوتر العصبي والخوف والفوبيا، كما يساهم في زيادة الثقة بالنفس وحل المشكلات الشخصية والعائلية ويساهم في تطوير مهارات الامومة والابوه وتربية الاطفال بالتركيز على النواحي الايجابية في تربية الاطفال، مما يساعد على إضفاء أجوا الفرح والبهجة والنظر للحياة بصورة مشرقة، ويعتقد العلماء ان علم الهندسة النفسية او ما يسمونه البرمجة اللغوية العصبية يغير حياة الانسان الى الأفضل فيستغل طاقاته وإمكاناته بشكل ناجح مما يحقق له السعادة، حيث يكون أكثر تكيفا وتحملا للبيئة حوله بفضل القدرات الخاصة التي يطورها وينميها.

اذن فهو علم يأخذ على عاتقه إسعاد الانسان باستغلال واستثمار كافة قدراته الظاهرة والخفية وتقنينها لحياة أسعد واكثر نجاحا ولكن الفلسطيني والفلسطينية كيف يمكن لهم ان يستخدموا الهندسة النفسية لحياة أكثر سعادة ونجاح، كيف يمكن ان يهندسوا أنفسهم والآخرين وسط حصار يريد ان يبيدهم ابادة شاملة بحيث لا يبقى فلسطيني على أرض فلسطين كيف يمكن لهم ان يسعدوا بهذا العلم الجديد، وكيف يمكن ان يغيروا به البيئة المحيطة بهم، بيئة الصهاينة وأحفاد قتلة الأنبياء والصالحين.

أظن ان الهندسة النفسية ستطالبهم بأن يكيفوا حياتهم مع مسلسل الموت اليومي البطئ والسريع الموت بالرصاص والقنابل والصواريخ الموت بكافة اشكاله الذي يسقونه صباح مساء.

عندما ينفجر الاستكبار البشري داخل نفوس بشر وتكون نتيجته القضاء على حياة الآخرين وأبادتها من الوجود فان العلوم الانسانية كلها تقف عاجزة أمام إبليس الذي يرقص في تلك النفوس، فالعلوم الى الأن لا تفهم ما هو إبليس وما هي قدراته الشيطانية عندما يجري مجرى الدم من الانسان وما هي أدوات مملكة الشر والدمار وافساد الأرض