شعر ل ابن زيدون


أضْحَى التّنائي بَديلاً مِنْ تَدانِينَا،" = "وَنَابَ عَنْ طيبِ لُقْيانَا تجافينَا
ألاّ وَقَد حانَ صُبحُ البَينِ، صَبّحَنا" = "حَيْنٌ، فَقَامَ بِنَا للحَيْنِ نَاعيِنَا






علامَ صرمتَ حبلكَ من وصولِ؛ = فديْتُكَ، واعتززْتُ على ذليلِ؟
وَفِيمَ أنِفْتَ مِنْ تَعْلِيلٍ صَبٍّ، = صَحيحِ الوُدّ، ذي جسْمٍ عَلِيلِ؟






وَضَحَ الحقُّ المبينُ؛" = "وَنَفَى الشّكَّ اليَقيِنُ
وَرَأى الأعْداءُ مَا غَرَّ" = "تْهُمُ منهُ الظّنونُ






يا غزالاً ! أصَارني" = "موثقاً، في يد المِحنْ
إنّني، مُذْ هَجرْتَني،" = "لمْ أذُقْ لذّة َ الوسنْ






خَليلَيّ، لا فِطرٌ يَسُرّ وَلا أضْحَى ،" = "فما حالُ من أمسَى مَشوقاً كما أضْحَى ؟
لَئِنْ شاقَني شَرْقُ العُقابِ فَلَمْ أزَل" = "أخُصّ بمحوضِ الهَوى ذلك السفحَا






مَا ضرَّ لوْ أنّكَ لي راحمُ؛" = "وَعِلّتي أنْتَ بِها عَالِمُ
يَهْنِيكَ، يا سُؤلي ويَا بُغيَتي،" = "أنّك مِمّا أشْتَكي سَالِمُ






أحِينَ عَلِمْتَ حَظّكَ من وِدادي؛" = "وَلَمْ تَجْهَلْ مَحَلّكَ منْ فُؤادِي
وَقادَنِي الهَوى ، فانقَدْتُ طَوْعاً،" = "وَمَا مَكّنْتُ غَيرَكَ مِنْ قِيَادِي






أيُوحِشُني الزّمانُ، وَأنْتَ أُنْسِي،" = "وَيُظْلِمُ لي النّهارُ وَأنتَ شَمْسي؟
وَأغرِسُ في مَحَبّتِكَ الأماني،" = "فأجْني الموتَ منْ ثمرَاتِ غرسِي






هلْ راكبٌ، ذاهبٌ عنهمْ، يحيّيني،" = "إذْ لا كتابَ يوافيني، فيُحييني؟
قَدْ مِتُّ، إلاّ ذَمَاءً فيَّ يُمْسِكُهُ" = "أنّ الفُؤَادَ، بِلُقْياهُمْ، يِرَجّيني






كما تَشاءُ، فقُلْ لي، لستُ مُنتَقِلاً،" = "لا تَخشَ منيَ نِسياناً، وَلا بَدَلاً
وَكَيفَ يَنساكَ مَنْ لَمْ يَدرِ بَعدَكَ ما" = "طَعمُ الحياة ِ، وَلا بالبِعدِ عنك سَلا؟






ورامشة ٍ يشفي العليلَ نسيمُهَا،" = "مضمَّخة ُ الأنفاسِ، طيّبة ُ النّشْرِ
أشارَ بها نحوِي بنانٌ منعَّمٌ،" = "لأغْيَدَ مَكْحُولِ المَدامعِ بالسّحْرِ






لئنْ قصَّرَ اليأسُ منكِ الأملْ؛" = "وَحَالَ تَجَنّيكِ دُونَ الحِيَلْ
وَنَاجاكِ، بالإفْكِ، فيّ الحَسُودُ،" = "فأعْطَيْتِهِ، جَهْرَة ً، مَا سَألْ






يا ظبية ً لطفتْ منّي منازِلُها،" = "فالقَلبُ مِنهُنّ، وَالأحداقُ والكَبِدُ
حبّي لكِ، الناسُ طرّاً يشهدون به؛" = "وأنتِ شاهدة ٌ إنْ يثنِهِمْ حسدُ






لعمرِي، لئنْ قلّتْ إليكَ رسائلي،" = "لأنْتَ الذي نَفْسِي عَلَيْهِ تَذُوبُ
فَلا تَحسَبوا أنّي تَبدّلتُ غيركم،" = "ولا أنّ قلبي، منْ هواكَ، يتوبُ






ألا ليتَ شعري هلْ أصادِفُ خلوة ً" = "لَديكِ، فأشْكو بعضَ ما أنا وَاجِدُ؟
رعى اللهُ يوماً فيهِ أشكُو صبابَتي،" = "وأجفانُ عيني، بالدّموعِ، شواهدُ






إنّي ذكرْتُكِ، بالزّهراء، مشتاقا،" = "والأفقُ طلقٌ ومرْأى الأرض قد راقَا
وَللنّسيمِ اعْتِلالٌ، في أصائِلِهِ،" = "كأنّنهُ رَقّ لي، فاعْتَلّ إشْفَاقَا






يا نازِحاً، وَضَمِيرُ القَلْبِ مَثْوَاهُ،" = "أنْسَتكَ دُنياكَ عَبداً، أنتَ مولاهُ
ألْهَتْكَ عَنْهُ فُكَاهاتٌ، تَلَذُّ بها،" = "فليسَ يجري، ببالٍ منكَ، ذكرَاهُ






إليكِ، منَ الأنامِ، غدا ارتياحي،" = "وأنتِ، على الزّمانِ، مدى اقتراحي
وما اعترضتْ همومُ النّفسِ إلاّ،" = "وَمِنْ ذُكْرَاكِ، رَيْحاني وَرَاحي






مَتى أبُثّكِ مَا بي،" = "يا راحَتي وعذابي؟
مَتَى يَنُوبُ لِسَاني،" = "في شَرْحِه، عن كتابي؟






كمْ ذا أريدُ ولا أرادُ؟" = "يا سوء ما لقيَ الفؤادُ
أصفي الودادَي مدلَّلاً،" = "لْمْ يَصْفُ لي مِنْهُ الوِدَادُ






أسْتَوْدِعُ اللَّه مَنْ أُصْفَي الوِدَادَ لَهُ" = "مَحضاً، وَلامَ به الوَاشِي، فلم أُطِعِ
إلفٌ، ألذُّ غرورَ الوعدِ يصفحُ لي" = "عَنْهِ، وَيُقْنِعُني التّعليلُ بالخُدَعِ






يا قَمَراً مَطْلَعُهُ المَغْرِبُ،" = "قد ضاقَ بي، في حبّكَ، المذهبُ
أعتبُ، من ظلمِكَ لي جاهداً،" = "ويغلبُ الشّوقُ، فأستعتِبُ






يا مستخفّاً بعاشقيِهِ،" = "ومستغشّاً لناصحِيهِ
ومَنْ أطاعَ الوشاة َ فينَا،" = "حتى أطَعْنَا السّلُوّ فِيهِ






أأسلبُ، من وصالِكِ، ما كسيتُ؟" = "وَأُعزَلُ، عَنْ رِضَاكِ، وَقد وَليتُ؟
وكيفَ، وفي سبيلِ هواكِ طوعاً،" = "لَقِيتُ مِنَ المَكَارِهِ مَا لَقِيتُ!






قالَ لي: اعتلّ من هويتَ، حسودٌ؛" = "قُلتُ: أنتَ العَليلُ وَيْحَكَ لا هُو
ما الذي أنكرُوهُ منْ بثراتٍ،" = "ضَاعَفَتْ حُسْنَهُ وَزَادَتْ حُلاهُ






أنّى أضيّعُ عهدكْ؟" = "أمْ كيفَ أخلِفُ وعدَكْ
وقدْ رأتْكَ الأماني" = "رِضى ً، فَلَمْ تَتَعَدّكْ






عاودتُ ذكرى الهوى من بعدِ نسيانِ،" = "وَاستحدثَ القَلبُ شَوْقاً بعد سُلْوَانِ
مِنْ حُبّ جارِيَة ٍ، يَبْدو بها صَنَمٌ" = "مِنْ اللُّجَينِ، عَلَيْهِ تاجِ عِقْيَانِ






إن تكُنْ نَالَتْكِ، بالضّرْبِ، يدي؛" = "وَأصابَتْكِ بِمَا لَمْ أُرِدِ
فلقدْ كنتُ، لعمرِي، فادياً" = "لكِ بالمالِ وبعضِ الولدِ






أَذَكَرتَني سالِفَ العَيشِ الَّذي طابا = يا لَيتَ غائِبَ ذاكَ العَهدِ قَد آبا
إِذ نَحنُ في رَوضَةٍ لِلوَصلِ نَعَّمَها = مِنَ السُرورِ غَمامٌ فَوقَها صابا






أَأُجفى بِلا جُرمٍ وَأُقصى بِلا ذَنبِ = سِوى أَنَّني مَحضُ الهَوى صادِقُ الحُبِّ
أُغاديكَ بِالشَكوى فَأُضحي عَلى القِلى = وَأَرجوكَ لِلعُتبى فَأَظفَرُ بِالعَتبِ