عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 33
التنويم الذاتـــي
السيطرة على العقل ليست حدثاً عابراً ، وإنما هي معركة حقيقية ، وعلى درجة كبيرة من الخطورة ، الخسائر فيها قد تكون فادحة ، كما أن المكاسب عظيمة وغير محدودة . وترويض العقل هو بمثابة إخضاع لإمبراطورية مترامية الأطراف ، مليئة بالمناوئين والمنافسين ، والصراعات فيها على أشدها . لذلك فإخضاعها ليس سهلاً بأي حال من الأحوال لكنه مطلوب بشدة ، لأن عقلاً واحداً قد يُصلح الكون كله بينما قد يهدمه عقل آخر ، وشواهد التاريخ على ذلك كثيرة .
ولعل من أفضل ما تعلمت من وسائل لترويض العقل ، هو ما يعرف بالتنويم الذاتي أوSelf-Hypnosis وهذا التنويم ليس كما تصوره لنا السينما بسذاجة . فما رأيته في كل أفلام السينما هو ضرب من ضروب التجوال الليلي لا التنويم الذاتي أو المغناطيسي . فما أشاعته السينما يُسَطِح هذا العلم الذي له أصوله وآلياته ومناهجه ، ذلك أن التنويم الذاتي هو صنعة العظماء ، فبفضله يمكن لإنسان أن يجعل من نفسه شخصاً آخر ، مغاير لحالته الغارقة في الانهزامية والضعف وسوء التصرف والسلوك فهو يضمن استرخاء العقل وتنقيته مما يشتت انتباهه وتركيزه.
وثمة تقنيات لممارسة التنويم الذاتي سأطرحها سريعاً :
* اختر مكاناً هادئاً تماماً وبعيداً عن أي إزعاجات .
* حدد لنفسك الوقت الذي سوف تستغرقه العملية وليكن 20 دقيقة مثلاً .
* حدد لنفسك الغرض من هذه العملية كأن تقول : هدفي منها كذا وكذا .
* حدد لنفسك الحالة التي تريد أن تصبح عليها عند انتهاء العملية ، كأن تقول : عندما أنتهي من التنويم الذاتي سأكون أكثر تفاؤلاً ونشاطاً .
* والآن ابدأ الممارسة . وهي تنقسم إلى ممارسة خارجية وأخرى داخلية : أما الخارجية فلها ثلاث حالات أساسية :
ـ الحالة الأولى : ركز مع نظامك البصري بحيث تنظر أمامك مباشرة وبتركيز إلى ثلاثة أشياء فقط
معاًَ ، ويفضل أن تكون تلك الأشياء صغيرة الحجم ، كأن تكون نقطة على الحائط أو مقبض الباب
أو زاويــة لوحـــــة . تقدم بـــــنظرك نحو ما تراه ببطء .. وتوقف بنظرك عند كل منها للحظة . بعض
المعالجين يفضل أن يُحَدِث الممارس ذاته بما يرى .
ـ الحالة الثانية : الآن ركز مع نظامك السمعي ، بحيث تركز تماماً في ثلاثة أصوات تسمعها في تلك
اللحظات ، كأن يكون صوت جهاز التكييف ، وزقزقة عصفور ، وبندول الساعة .
ـ الحالة الثالثة : انتقل الآن إلى شعورك ، وحاول أن تتحسس ثلاثة أشياء في نفس الوقت كأن
تكون ثقل نظارتك أو ثقل ساعتك أو طبيعة نسيج ملابسك . واصل الانتقال من حالة إلى أخرى ومن
إحساس إلى آخر بصفة مستمرة .
أما الممارسة الداخلية ، فتتم هكذا :
ـ أغلق عينيك بهدوء ، واجلب إحدى الصور إلى ذهنك ولكن لا تبذل في ذك جهداً كبيراً . ولتكن
صورة لشاطئ جميل أو منظر طبيعي أو وجبة شهية .. إلخ يمكنك حتى أن تُرَكِّبَ صورة غير
موجودة . وإذا لم ترد على ذهنك صورة معينة اختر ما تشاء . حاول أن تلتقط صوتاً ، وإن لم تجد فلتختلقه .
ـ تذكر أن الفكرة من هذا التمرين هي أن تدرك الأشياء لا أن تدعها تأتيك وحدها . واستخدم خيالك
كأن تقول لنفسك : أنا أشعر الآن بنسيم عليل ، ولمسات هواء معطر تتسلل إلى أنفي . كرر هذه
العملية مع شيئين ثم صوتين ، ثم شعورين ثم صورتين ، ثم كررها مع ثلاثة أشياء . وهكذا . إذا
انتهيت من تلك العمليات قبل الوقت المحدد ، زد عدد الأشياء والأصوات والمشاعر والصور إلى
أربعة لكل منها ، وتأكد أن عقلك الباطن سيعمل في خدمتك فلا تنزعج .
هذه العملية ليست سهلة بالتأكيد ولا يجب أن نمارسها باستهتار ، بل يجب أن نعيشها بكل جوارحنا
وحواسنا ، لأنها إن تمت كما ينبغي ، قد تساعدك على إنجاز الكثير من الأهداف كأن تقلع عن
التدخين أو تخفف عن نفسك الضغط العصبي ، أو تزيد ثقتك بنفسك أو تحسن من قدرتك على اتخاذ
القرارات ... إلخ . وبمجرد أن تتعلم كيف تمارس هذه العملية ستصبح المسألة أسهل على العقل .
يقول ونستون تشرشل : إمبراطورية المستقبل هي إمبراطورية العقل .
المفضلات