علي العميري- مكة المكرمة

تحولت دورات البرمجة اللغوية العصبية التي انتشرت بفعل إعلانات الصحف المحلية الى وسيلة جديدة لاستنزاف جيوب المواطنين بعد ان ارتفعت اسعارها بشكل مبالغ فيه جدا حيث وصلت تكلفة بعض الدورات لاكثر من الفي ريال رغم ان مدتها لا تزيد عن اليومين!. وتعددت الآراء حول جدوى هذه الدورات وانعكاساتها على المستفيدين منها غير ان هناك اتفاقا على أهمية تقنين هذه الدورات وتحديد اسعارها وإيجاد جهة حكومية تتولى الاشراف على المراكز التدريبية مع ايجاد مراكز مؤهلة بها كفاءات قادرة على تقديم هذه الدورات بشكل يحقق الهدف المنشود منها.وطالب عدد من المواطنين والمختصين بايقاف جميع الدورات الحالية واعادة تنظيمها وايجاد معاهد نظامية يرخص لها من قبل الجهات المعنية التي ستتولى الاشراف والمتابعة لمثل هذه الدورات والتنسيق مع الصحف السعودية بعدم الاعلان عن أي دورة الا بعد الترخيص من الجهة المعنية.

ذات أثر محدود

الدكتور عبدالمنان ملا بار استاذ التوجيه والارشاد بجامعة ام القرى يؤكد ان دورات البرمجة اللغوية العصبية دورات قصيرة ذات اثر محدود جدا وقصير المدى وتفيد في تعلم وممارسة مهارات حياتية محدودة مثل التعاملات الزوجية ولا تتناول المشكلات النفسية ولكنها تنمي في الانسان مهارة التعامل وهذه لا تحتاج الى مدربين او دورات تدريبية.

وقال الدكتور بار ان هذه الدورات والمدربين الذين يدربون عليها ويدعون حصولهم على دورات تدريبية في هذا المجال هي غير صحيحة واشبه بالابتزاز واستنزاف أموال الآخرين مما اوجد طبقة تعرف كيف تستغل الظروف والفرص وتسعى لابتزاز الآخرين مشددا على اهمية ايقاف جميع مراكز التدريب العاملة الآن واعادة تقنين هذه الدورات واخضاعها لجهات مرخص لها تحت اشراف وزارة الصحة او الشؤون الاجتماعية او التربية والتعليم والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني حماية للمواطنين من الابتزاز.

لا اقتنع بها

واوضح الدكتور انس بن مسفر الداعية المعروف انه غير مقتنع بمثل هذه الدورات ولم يلمس منها اي جدوى ولكن خلفيتها العقدية والنفسية والفكرية غير معروفة مشيرا الى وجود دراسة فكرية حول هذه الدورات وفيها معلومات جيدة عن مثل هذه الدورات وسلبياتها مؤكدا ان الجهات الحكومية من الصعوبة ان تحكم الرقابة ولابد من وجود ضوابط وتحديد الجهة التي تتولى الاشراف على مثل هذه الدورات. ويشاركه انمار مطاوع عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز انه ليس ضد دورات البرمجة اللغوية العصبية لأنها ادوات تؤدي الهدف منها فمثلا شخص يعاني من ضعف عند مواجهة الجمهور يتم علاجه منه وغير ذلك فالذين يدربون في مثل هذه الدورات يعالجون مثل هذه الحالات مشيرا الى ان مثل هذه الدورات اصبحت تجارة في ظل كثرة من يدربون في مثل هذه الدورات.

شهادات معتمدة

واشار د. انمار مطاوع الى ان المدربين يحصلون على شهادات معتمدة من مركز البرمجة العصبية وهذا المركز لا يعطي الشهادة الا للمدرب المعتمد وهي تؤهل الشخص للتدريب مبينا ان سعر الدورات غالبا ما يكون موحدا ومحددا من المركز ويكون للمدرب نسبة تعطى للمتدرب يدفع رسومها مشيرا الى ان المركز معتمد دوليا مشددا على وجود جهة تراقب هذه المراكز وهي المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني اضافة الى وجود انضباطية لهذه المراكز وجعل البقاء للأفضل خاصة في ظل كثرة المراكز وكثرة المراقبين.

التفريق مطلوب

وأكد د. أنمار مطاوع أهمية التفريق بين هذه الدورات وعلم الاتصال لأن الاتصال علم له اصوله وضوابطه ومعاييره وأساسياته فهذا العلم لا يمكن أن يدرب فيه الا المتخصص المتمرس في هذا المجال.

واشارت نادية جاها (مشرفة تربوية) الى ان الصحف المحلية تتشبع باعلانات عن دورات البرمجة اللغوية العصبية مما يستوجب اعادة النظر في مثل هذه الدورات التي اصبحت وظيفة يمارسها العديد من الأشخاص للحصول على الاموال مبنية انه ليس لها أي جدوى في هذا المرحلة فالعديد من الذين حصلوا على دورات أكدوا انهم لم يستفيدوا منها بشيء مؤكدة، أهمية تنظيم المراكز التي تقدم مثل هذه الدورات واخضاعها لجهة حكومية تتولى الاشراف عليها مثل وزارة التربية والتعليم لتنظيمها ووضع ضوابط لها والحد من المبالغة في اسعارها التي اصبح مبالغ فيها بشكل كبير اضافة الى تقنين عملية التدريب وايجاد مدربين مؤهلين للتدريب في مثل هذه الدورات.

دورات خاصة

وابانت الدكتورة فوزية عباس خان رئيسة قسم اللغة العربية بكلية التربية للبنات مكة المكرمة انه في كل يوم تطالعنا دورات خاصة في التنمية البشرية تدعمها جهات معينة وتؤدي في أماكن مختلفة يتسابق اليها الراغبون ويتنافس في تحصيلها المتنافسون.

وأشارت د. خان الى انها لا تنكر الفائدة التي قد يحصل عليها بعض المشاركين الا ان هذه الفائدة لا تساوي ابداً المبلغ الذي يصل الى الفي ريال في بعض الدورات للشخص الواحد وللدولة الواحدة والتي لا تتجاوز اليومين أو الثلاثة مبينة ان هذه الدورات فرضت نفسها علينا في المجتمع فرضاً وتجاوب معها الافراد حتى الجهات والمؤسسات الثقافية حتى غدا التفاضل بين الموظفين بحكم الشهادات التي يحصل عليها الواحد منهم في هذه الدورات.

جهات رقابية

وقالت رئيسة قسم اللغة العربية ان هناك محاولة جادة من قبل أصحاب هذه الدورات لأسلمة بعض موضوعاتها مشددة على اهمية ايجاد جهات رقابية تنظمها وتقننها وتحدد أسعارها وتشرف عليها وعلى موضوعاتها ومضامينها فلا تكون هناك دورات متكررة وما يتغير من قبل المدرب هو العنوان فقط معتبرة ان هذه الدورات اصبحت تشكل استغلالاً علمياً ومعرفياً ساحته القول ومادته الجيوب وميدانه الفكر الجماعي.

وابانت نسرين بخاري (معلمة) ان الدورات الخاصة غدت ظاهرة تجتاح المجتمع وتزداد بشكل عشوائي في ظل انعدام الرقابة عليها وغياب الضوابط والمتابعة مما أدى لتباين الاسعار وفي بضع الدورات هناك انعدام للمحوى المعرفي المطلوب مؤكدة انها تحولت من ظاهرة تعليمية الى ظاهرة تجارية تثري اصحابها مشددة على اهمية ايجاد جهات رقابية تشرف عليها وتحدد اسعارها وتسهم في ايجاد مدربين اكفاء.

وطالبت هنادي فؤاد اشقر سكرتيرة مركز تدريب خاص بتصنيف رسوم الدورات التدريبية بما لا يتعارض مع مصالح المدرب والجهة المنظمة والمتدرب مشيرة الى ان الامر الذي يحفز الالتحاق بهذه الدورات هو وجود نخبة من ألمع نجوم التدريب لديهم الكفاءة العالية في الإلقاء والاقتناع وكل هذا جميل ولكن ما هو الهدف من هذه الدورات وما هي الفائدة من هذه الدورات.

كيف تكون ناجحا ؟

وتقول الدكتورة سحر حسن أشقر عضو هيئة التدريس بكلية التربية للبنات بمكة المكرمة.كيف تكون ناجحاً؟ كيف تكون إيجابياً؟ تغلب على الصعوبات: الرحلة إلى التميز، نعم للحياة، وغيرها كثير من العناوين البراقة التي تحلق بك إلى فضاءات شاسعة، ويقف المرء أمامها مشدوهاً، ولا يلبث أن ينخرط في الاستجابة إليها كافة شرائح المجتمع، بمختلف أعمارهم، وأفنانهم؟ وثقافتهم، ولا عيب في ذاك فالعلم أبوابه مشروعة للجميع، وحقق مكتسباً خاصة إذا استطاع أن يحقق للمتطلع الأهداف الكامنة تحت تلك العناوين الطامح إلى كسر النمطية، وتطوير ذاته، وتوسيع نظرته للحياة لتصبح أكثر تفاؤلاً، وإيجابية، ومرونة، وقبولاً للآخر.

غير أن ما يخشى عاقبته هو تحول القيمة المعرفية المستهدفة في تلك الدورات إلى قيمة مادية، تجارية نتيجة تضخم أسعارها تضخماً ملحوظاً مما يعني أن أسئلة كثيرة تقفز إلى أذهاننا وأولها من المسؤول من هذا التضخم؟ ومن أين يوفر رب الأسرة رسوم تلك الدورات التي من الممكن أن تأخذ شطراً كبيراً من مرتبه لا سيما وأن الفئات المستهدفة تتنوع بين شباب ومراهقين وأطفال أحياناً وغالباً ما يكون الأب هو المصدر الممول للاسرة!!

فكما أن الرقي بالذات مطلب ملح وسلط هذا التسارع في عملية الحياة كذلك فإن الحاجة إلى التدقيق وإعادة النظر وبذل الرقابة من ذوي الاختصاص والمسؤولية على تلك الدورات مطلب أكثر إلحاحاً، لتحقيق التوازن أمام هذا التضخم اللامعقول!

استنزاف للجيوب

ويؤكد المواطن عبدالرحمن الديلمي أن دورات البرمجة اللغوية العصبية أصبحت تشكل استنزافاً لجيوب المواطنين الذين اقبلوا على هذه الدورات بعد أن كثرت الإعلانات الترويجية لها في الصحف المحلية رغم عدم وجود جدوى لها بأي حال من الأحوال مشيراً إلى أهمية إيجاد جهة تشرف على المدربين والمراكز التدريبية التي اصبحت تنظم هذه الدورات التدريبية التي ارتفعت أسعارها لتصل تكلفة الدورة إلى 1900 ريال للشخص الواحد رغم أن الدورة قد لا تتجاوز اليومين متسائلاً أين الجهات الحكومية عن مثل هذه الدورات؟.

وأوضح المواطن عبدالله اللحياني أن دورات البرمجة اللغوية نوع من الضحك على المواطنين واستنزاف لجيوبهم بحجة أن لها نتائج إيجابية لتنمية قدرات الذين يحصلون على هذه الدورات واثبت الواقع أن الذين حصلوا على دورات لم يطرأ على قدراتهم جديد مشيراً إلى أنه كيف يكون لدورة لا تتجاوز الساعتين نتائج إيجابية.

مشدداً إلى أهمية تقنين هذه الدورات ووضع ضوابط محكمة لها وللجهات التي تقدمها مع تحديد الاسعار والإشراف الكامل على هذه الدورات من خلال إيجاد جهة حكومية تتولى الإشراف والمتابعة.

وأبان المواطن عبدالله حسنين أن هناك حاجة ماسة لإيجاد جهة رقابية على المراكز التي تنظم دورات تدريبية في البرمجة اللغوية العصبية والترخيص لها بعد التأكد من توفر الشروط النظامية الواجب توفرها بدلاً من ترك الحبل على الغارب لكل من حصل على دورة في البرمجة وأصبح مدربا للإعلان عن دوراتهم وإقامتها في الفنادق مشيراً إلى أن هذه الدورات أشبه بالضحك على الذقون واستنزاف الجيوب دون أي انعكاسات إيجابية ولذلك لا بد من ايجاد معاهد نظامية متخصصة يشارك فيها عدد من المختصين المؤهلين من جهات معروفة.

نوع من التسلية

وأشار المواطن عبدالصمد قواس إلى أن دورات البرمجة اللغوية نوع من التسلية ولكنها تحولت إلى مهنة لبعض الذين يسعون للحصول على الأموال.

ولذلك كثرت النشرات والإعلانات التي تحمل صوراً لبعض الأشخاص الذين يدعون أنهم مدربون معتمدون والحقيقة أن الجهة المعنية في الولايات المتحدة الأمريكية أصبحت تصرف شهادة لكل شخص حصل على دورة تدريبية ولو مدة أسبوع ولذلك اختلطت الأوراق وأصبحت هناك حاجة ماسة لإيجاد جهة حكومية تشرف على هذه المراكز وهؤلاء المدربين وتضع ضوابط لمثل هذه الدورات وتحدد أسعارها حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد استنزاف جيوب الناس بدون وجه حق.

وطالب المواطن عبدالمجيد القرشي الجهات الحكومية بإيقاف جميع المدربين الذين يدعون أنهم مؤهلون لإعطاء دورات في البرمجة اللغوية العصبية وعدم السماح لهم بممارسة هذا النوع من الدورات إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهات المعنية وفق الضوابط التي تحددها الجهة الحكومية لتقنين العملية والحد من المبالغة في الاسعار ودراسة جدوى مثل هذه الدورات التي استغلها البعض كوظيفة لتحقيق عوائد مادية لهم دون النظر في استفادة الآخرين منها.

جريدة المدينة
http://www.almadinapress.com/index.a...icleid=1001489