كيف نتأكد من أننا ندرك فكرة ما بوضوح ؟!
ألا يمكن أن يتبادر لنا أننا فهمناها من غير لبس ولا غموض ، ولكن لا يكون الأمر كذلك !.
إذن ما الوسائل التي تساعدنا على التأكد من أننا نفكر بوضوح ؟ !

:
كنت فيما مضى من سنوات قد أطلت النظر في هذا السؤال بحثاً عن جواب عملي سهل يساعد الناس على تحسين مستوى وضوح الأفكار ولو إلى درجة معقولة من الوضوح ، فوفقني المولى سبحانه وتعالى إلى التوصل لطريقة سهلة وممتعة فيما أظن تتيح لنا أن نتأكد من أننا نفكر بوضوح ، وهل نحن بالفعل نفهم الفكرة المطروحة بوضوح أم يخيل إلينا خطأ بذلك ، وقد أسميت هذه الطريقة بطريقة : (عدسات التفكير الواضح)، وقمت بتجربتها على بعض طلابي في الجامعة ، فوجدت أن فهمهم للموضوعات التي أطرحها أصبح أكثر وضوحاً وبالتالي أكثر عمقاً.
وتقوم طريقةُ عدسات التفكير
الواضح على سبعة وسائل يختبر بها أحدنا مدى
وضوح فهمه للفكرة المطروحة عليه .
والآن تخيلوا أنكم في قاعة الدرس وأنا ألقي عليكم محاضرة ، طارحاً عليكم موضوعاً ما ، ثم بعد ذلك أسألكم هل فكرتم بوضوح ، هل فهمتموه بوضوح، وعندها نبدأ في استعراض العدسات لنتأكد من وضوح الفهم لديكم ، فنأخذها عدسة عدسة، والهدف من هذه العدسات كما بينا آنفاً أنها تقوم بوظيفة معايير للاختبار والتأكد من وضوح التفكير والفهم .

والعدسات السبعة مجموعة في عبارة (( مسحُ قاعه )) وسنشرحها في الحلقات القادمة إن شاء الله ، ولنبدأ الآن في التعرف عليها :
أولاً : عدسة هدف ..أي: حدد هدفك وغرضك من التفكير.
ثانياً : عدسة حدد .. أي: حدد معاني الألفاظ .
ثالثاً : عدسة اعكس .. أي: فكر في ضد الفكرة وعكسها .
رابعاً : عدسة مثل .. أي: اذكر أمثلة تطبيقية عملية للفكرة.
خامساً : عدسة عبر.. أي: وضح الفكرة بأسلوبك الخاص واشرحها بعبارات مشابهة وقريبة الصلة بها .
سادساً : عدسة قسم .. فالفكرة قد تكون خليطاً من عدة أشياء فلكي تصل للوضوح فأنت بحاجة إلى تجزئة الفكرة وتفكيكها إلى عدة عناصر وأجزاء ليسهل عليك فهمها..
سابعاً وأخيراً : عدسة سل.. أي: اطرح اسأله حول ما فهمته ، فالأسئلة علامة على الفهم ، ومن لم يكن قادراً على التساؤل أثناء عملية التفكير فهذا مؤشر على عدم وضوح الفكرة في ذهنه كما يجب .
:
هذه المعايير السبعة تعد وسائل نختبر بها مدى وضوح تفكيرنا ، وأسميناها عدسات ليتخيل كل واحد أنه حين يمارسها عملياً أنه يقوم بوضع عدسة على عينيه لكي تتوضح له الرؤيا . وقلنا : إنها مجموعة في عبارة (( مسح قاعه )) فالميم من مثل ، والسين من سل أي اسأل ، والحاء من حدد ، والقاف من قسم ، والألف من اعكس ، والعين من عبر ، والهاء من هدف . فإذا أردت أن تتأكد من أنك فهمت فكرة ما أم لا فجرب لبس هذه العدسات، وسترى أن تفكيرك غدا أكثر وضوحاً، ويمكن للمدرسين والمدرسات أن يستخدموا طريقة عدسات التفكير الواضح في قاعات الدراسة ليتأكدوا من فهم طلابهم ، فإذا استطاع الطالب أن يحدد الهدف من تفكيره بمعنى ما الغاية التي تجعلني أسعى إلى أن تكون الفكرة واضحة وبينة وجلية بعيدة عن اللبس والغموض ، فإنه بذلك يضع قدمه على أول درجات الوضوح .
ثم يمكن للمعلم أن يطلب من طلابه أن يحددوا معاني الألفاظ بحيث لا تشتبه بغيرها فإن فعلوا ذلك دل هذا على أنهم وضعوا أقدامهم على ثاني درجات الوضوح، وهكذا يسير بهم مع كل عدسة من عدسات التفكير الواضح أو ما يناسبهم منها بالنظر إلى أعمارهم ومستوياتهم ليتأكد من فهمهم، ويستطيع أن يجعل المسألة ممتعة وشيقة، بأن يطلب منهم مثلاً أن يضعوا الآن عدسة مثل ثم يطلب منهم أن يأتوا بأمثلة تطبيقية وعملية من الواقع على ما فهموه منه ، فتكون هذه الطريقة مطعمة بالمرح والتجديد الذي يكسر الملل والنمطية داخل القاعة.
ولكم أن تتصوروا حجم الفائدة التي سيجنيها الطلاب والطالبات عندما نعودهم على هذه الطريقة، و لكم أن تتوقعوا من الآن أثرها على تفكيرهم ، إن أول الثمار التي سيجنونها أنهم بالتزامهم بطريقة عدسات التفكير الواضح سيتولد لديهم شعور بضرورة أن يكون فهمهم واضحاً لما يفكرون فيه من خلال اختبار ذلك وعدم الاكتفاء بمجرد ظنهم أنهم قد فهموا.
إن الفهم الواضح أيها الأحبة يحتاج إلى دلائل وعلامات تؤكده، وإن من دلائله العدسات السبع التي جمعناها لكم في عبارة : (( مسح قاعه ))..
:
أحبتي في الله: اعلموا أن نجاح هذه العدسات لايقتصر على الطلاب وقاعات التحصيل العلمي، بل هو ممتد حتى لأمور الحياة العامة ، ويستطيع كل واحد منكم أن يجرب ذلك ، فخذ أي موضوع يحتاج إلى تفكير وتأمل ، ثم تخيل أنك تضع العدسة الأولى لمدة ثلاث دقائق ثم اسأل نفسك: هل أنا متأكد من تحديد هدفي أم لا ؟!
فإن كان الجواب لا فلا تنزع العدسة الأولى حتى تنتهي بيقين من ذلك ..
ثم ضع العدسة الثانية لمدة ثلاث دقائق واسأل نفسك: هل أفهم عبارات الموضوع فهماً محدداً لا لبس فيه؟!
ولا تنزع هذه العدسة حتى تكون متأكداً من تحديد معاني الألفاظ..
ثم ضع العدسة الثالثة للمدة نفسها وهي عدسة: اعكس، واسأل نفسك: ما هي الأمور المخالفة والمناقضة والمضادة والمعاكسة للموضوع الذي أفكر فيه؟!.
ثم البس العدسة الرابعة وقل لنفسك: إن كنت فعلاً فهمت هذا الموضوع بوضوح فسأستطيع أن أضرب أمثلة تطبيقية واقعية عليه .
ثم البس العدسة الخامسة واسأل نفسك: هل أستطيع أن أعبر عن الفكرة بألفاظ متعددة وأساليب مختلفة فأكون قادراً على شرحها واختصرها وأن أشبهها بغيرها .. الخ ؟!.
ثم البس العدسة السادسة وقل لنفسك: ما هي أركان الفكرة أو ما هي مركباتها وأجزاؤها وأقسامها؟!
ثم البس العدسة السابعة وقل لنفسك : ما الذي أريد أن استوضحه من خلال الأسئلة بالإضافة لما سبق لتكون الفكرة أكثر وضوحاً في ذهني؟!.