عضو مميز
- معدل تقييم المستوى
- 23
د. ليلى عبد المنعم، النابغة المخترعة والعابدة المتواضعة
في مؤتمر «غلوبل» الذي يُعقد سنوياً في لندن تسلّمت الدكتورة ليلى عبد المنعم عام 2008م وسام استحقاق عالمي عن اختراعاتها، وكان ترتيبها الثالث بين ألف عالم من جنسيات مختلفة، ووصفتها لجنة التحكيم في المؤتمر يومها بـ: «أم المخترعين التي تعمل في صمت أبي الهول وشموخ الأهرامات».
إهمال عربي
رغم أن رصيدها من الاختراعات تخطّى المئة اختراع في جميع المجالات؛ فإن أكاديمية البحث العلمي في مصر لم تقدّم لها براءة اختراع واحدة، فتسابقت الشركات الإنجليزية والألمانية إلى التعاقد معها لتنفيذ مخترعاتها في الوقت الذي لم تتعاقد فيه معها أية جهة مصرية!!
عائلة مخترعة
ولدت المهندسة ليلى عبد المنعم في مصر عام 1949، ومنذ صغرها وهي تعشق الألعاب ذات المحرك الصغير التي كانت تحاول فكّها وتركيبها مرات عدة. في المرحلة الإعدادية ابتكرت نظرية هندسية فوجئ والدها بأنّها أضيفت للكتب المدرسية في العام التالي باسم المدرس الأول للمادة، فظل يتابع نشاطها وابتكاراتها، وألحقها بعد حصولها على الثانوية العامة بأحد معاهد التكنولوجيا في حلوان. وتابعت المهندسة ليلى مسيرتها العلمية حتى حصلت على شهادة الدكتوراة في الهندسة الميكانيكية والهيدروليكية[1]، ثم عملت مهندسة أولى ورئيسة قسم التصميم والتنفيذ بمرفق مياه القاهرة، وتعمل حالياً مستشارة لشركة كندية بفرعها في القاهرة. هذا وترأست «نادي المخترع الصغير» الذي أصبح اسمه الآن «أندية العلوم» لأكثر من ثلاثة عشر عاماً، ونفّذت الكثير من اختراعاتهم. وتُعتبر عائلتها من أشهر العائلات المخترعة في مصر؛ فابنتها آنجي سجلت 13 اختراعاً وحصلت على ثلاث ميداليات ذهبية، أما زوجها المهندس نبيل فلقد سجل 9 اختراعات!!
أبرز اختراعاتها
من أهم الاختراعات التي توصّلت إليها هي «بحيرة صناعية» بها ركائز لإطلاق المركبات الفضائية للقضاء على التلوث البيئي، أما فكرة «الإنسان الآلي» المخصّص للبحث عن المتفجرات فلقد حصلت على وسام وزارة الداخلية باعتباره أفضل اختراع مضاد للألغام، كذلك اخترعت «إطاراً للعجلات» من النوع الصلب المدعم الممتص للصدمات، كما ابتكرت «سيارة مضادة للانفجار». وفي مجال الطب: اخترعت ماكينة لاقتلاع الأسنان، وجهاز الشخير «الكمامة»، و«أنبوبة الأكسجين»، و«جهاز قياس إجهاد القلب رياضياً»، و«ماكينة لقص الجبس»، وغيرها من الاختراعات الكثيرة...
تأثير القرآن الكريم عليها
تقول: «بدأتُ أتمعّن في آيات القرآن الكريم، ووجدتُ فيه حلاوة لنفسي القِلَقة، وأعني بها أن كل عالِم تنتابه لحظات قلق عندما تأتيه شرارة فكرة أو علم أو حدث لا يستوعبه، ويحاول أن يبحث في المراجع والموسوعات، وإن لم يستعن بالله ينتابه توتر نفسي، والحمد لله أنني ختمت القرآن الكريم».
«وقد وضح تأثير قراءة القرآن الكريم في حياتي الخاصة من خلال طاعة الزوج، وأصدقك القول بأن قوامة الرجل كما جاءت في القرآن الكريم ليست في الإنفاق فقط إنما في الحماية والأمان؛ فالنجاح لأي امرأة إذا بحثتِ عنه ستجدين أن وراءه رجلاً عظيماً». وبيّنت الدكتورة ليلى أن سر سعادتها في الدنيا تكمن في: «مقولة كنت أكتبها في كل كتبي وهي: اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وأخذت بها في كل أعمالي وشؤون حياتي، فلم أفعل شيئاً من أجل نفسي أو للبشر إنما لوجه الله تعالى».
القرآن الكريم وذكر الله تعالى
يقودانها إلى الاختراع
توصلت الدكتورة ليلى إلى أهم اختراعاتها من خلال تأملها وتفكّرها في القرآن الكريم الذي حفظته منذ صغرها؛ حيث ابتكرت خرسانة ضد الزلازل والصواريخ اقتبست فكرتها من الآية القرآنية في سورة الكهف: ﴿ آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ﴾، وهذا الاختراع كان من الأسباب الرئيسة لحصولها على وسام الاستحقاق. تقول في إحدى الحوارات التي أُجريت معها: «ساعدني حفظ القرآن في الوصول لهذه الاختراعات وغيرها».
بالإضافة إلى أنّ كثرة ذكرها لله تعالى قادها إلى اختراع السُّبحة الإلكترونية.
كتبٌ ألّفتْها
«طريقك للاختراع» أحد كتب أُم المخترعين، ولقد تعاقد القائمون على مؤتمر غلوبل لترجمته، وحقّق هذا الكتاب نسبة عالية من التوزيع على مدى سبع سنوات، أما الكتاب الثاني لها فهو يحمل عنوان: «بيئة خالية من التلوث»، تتحدث فيه عن التلوث بكل أشكاله، حتى التلوث السمعي وطرق الحماية منه.
سرقة اختراعاتها
قامت المهندسة ليلى عبد المنعم باختراع «فرن للقضاء على الجمرة الخبيثة»، ولكن تمّت سرقته من قبل بعض «الخبراء» الصينيين، ولأن المؤمن لا يُلدغ من جُحر مرتين اتعظت المهندسة ليلى مما حدث لها مع ابتكار الجمرة الخبيثة، ورفضت نشر فكرة ابتكاراتها في أي مجلات أجنبية حتى لا تتعرض أفكارها للسرقة مرة أخرى.
اليوم، ونحن نعيش الثورة التكنولوجية والعلمية بكل أبعادها، نقف مشدوهين ومنبهرين بالاختراعات التي تفد إلينا، ولكن ينبغي ألّا ننسى أن الكثير منها هو نتيجة إبداعات وابتكارات أبناء وبنات هذه الأمة الذين لا يكاد يسمع بهم الآخرون؛ لولا تكريم بعض المؤسسات الغربية لهم، وتبنيها لمخترعاتهم أمثال المهندسة ليلى عبد المنعم.
تحياتي
المفضلات