لماذا يتذمر بعض الاشخاص كثيرا؟


يتذمر الشخص عادة من 15- 30 مرة في اليوم، لهذا عندما نتهم غيرنا بالتذمر يجب ان نعلم اننا جميعا متذمرون، ولكن البعض منا غير مدرك لهذا الامر.
بالرغم من ان التذمر له معاني ضمنية سيئة، لكنه قد يكون عاملا لبث احاسيس مريحة لبعض المتذمرين مما يدفعهم الى الاكثار من التذمر والشكوى ؟ ويل بووين ، مؤلف (عالم التذمر الحر) يدرج في كتابه خمسة اسباب رئيسية لتذمر الناس :

1. لبدء حوار او علاقة صداقة:
يستخدم بعض الاشخاص التذمر كوسيلة للتعارف . ففي غرفة مغلقة كمصعد مثلا ، الكثيرون يبحثون عن وسيلة لفتح حوار ، ولان للانسان رغبة شديدة للارتباط بالاخرين .. فقد يعمد الى البحث عن جملة مناسبة لبدء الحوار.. كأن يكون ( ان الجو حار هذا اليوم ) .
لكن عندما يتذمر الغرباء من الجو السيئ في محاولة البحث عن فرصة للبدء بحديث ، او عندما يتذمر المسافرون من تأخر الطائرة ، فان ذلك يساعدهم على التماسك والتضامن .

2. لتجنب اتخاذ موقف يستدعي تحمل المسؤولية :
كم من مرة التقينا باناس ياتوننا لغرض التذمر من مشكلة تواجههم ، وحالما نبدي رايا او اقتراحا لحل المشكلة ، نجدهم يبدون التذمر من الحل الذي نقدمه اليهم! قائلين ( هناك الكثير من المشاكل التي لا حلول لها ) او ( مهما فعلت فان ذلك لن يغير من الامر شيئا ، لذا فانني لن احاول مرة اخرى ) ، بمعنى اخر انهم لا يريدون تغيير ما هم فيه او ايجاد حلول لمشاكلهم ، كل ما يريدونه هو تجنب اتخاذ موقف معين او محاولة التملص من المسؤولية .

3. للتفاخر والتعالي على الاخرين :
كامثلة نسوقها هنا ، فقد نسمع من احدهم يقول ( الناس لا يقودون مركباتهم بالشكل الصحيح والمناسب )، هذا النوع من التذمر يعبر عن مركب الاستعلاء عند البعض .. اذ انهم يعبرون بذلك عن مدى تفوقهم ودرايتهم بالاسلوب الامثل لقيادة المركبة ، بمعنى اخر فان هؤلاء المتفاخرون يقولون بانهم يملكون من الدراية والعلم ما لا يملكه غيرهم .

4. للسيطرة على الاخرين :
يُستخدم التذمر لحث الاخرين على تغيير ولاءاتهم . فقد نسمع احدهم يقول ( لا تنصت اليه ، ان اراؤه ضعيفة غير مقنعة ). ان حملات تشويه السمعة تبدا بمثل هذه الاقاويل ، اننا نجد مثل هذه الامور في السياسة ، فالفكرة الرئيسية منها هو تغيير الولاءات ومحاولة السيطرة على العقول وبناء النفوذ بين الناس عن طريق افتراض الافعال السيئة والاخطاء عند الخصوم .

5. لغرض تقديم الاعذار بسبب الاداء السيئ او التراخي :
يعبركاولسكي استاذ علم النفس في جامعة كارولاينا الغربية عن رايه بالقول ان الكثير من الشكاوى ناتجة عن دوافع ذاتية ، فعلى سبيل المثال .. ان تذمر الموظف من الازدحام في الشوارع حال دخوله دائرته ما هو الا تبرير لتاخره عن الدوام . او ان مغنية تتحجج بانها تعاني من بلعومها قبل ان تبدا بالغناء وذلك كي تقلل من توقعات المشاهدين حول الامكانيات العالية لصوتها ، اذا ما فشلت في تقديم عرض جيد . او ان الزوجة تقول لزوجها حالما يدخل المنزل ( كنت مشغولة طوال اليوم ) وذلك لتبرر له عدم اتصالها بوالدته لتهنئها بعيد ميلادها.

عُرف الروائي دي اج لورنس بتذمره المستمر ، وقد كان تفسيره لهذا الامر انه يحمّل الاخرين بعض الهموم والاحباطات التي يحملها. من خلال تذمره الثابت والمبالغ به فقد نجح لورنس في جعل الاخرين غالبا ما يشعرون تجاهه بالاسى .
كتبت ايلانا سايمون استاذة الادب في نيو سكول في نيويورك ( ان التذمر قد يكون وسيلة مناسبة لتحميل الاخرين بعض من مشاعرنا السلبية . نحن نمرن عضلاتنا عند خوضنا في نزاع دون ان يتغير فينا اي شيء ، كذلك يمكننا ان نفرغ شيئا من مشاعرنا السلبية على الاخرين ) .

وبعدُ، فان هناك اسطوانة مشروخة تردد ان النساء اكثر تذمرا من الرجال. لقد وجد باحثون ان هذه الاسطوانة المشروخة قد تكون ناتجة غن الاختلاف في اسلوب معالجة الامور بين الرجل والمراة ، فان ما تحسبه المراة شكلا من اشكال المواساة يحسبه الرجل نحيبا وعويلا . تستخدم المراة اسلوبا غير مباشر للتذمر وذلك كي تنال الدعم من الاخرين فيما يتذمر الرجل بشكل مباشر لمجابهة امر ما .
التذمر ان كان مزمنا او غير مزمن ، مباشرا ام غير مباشر، قد يكون له عدة اسباب ، واحيانا فان التذمر يخدم عدة وظائف في نفس الوقت ، لكن لا زال ينقصنا الكثير لنفهم طبيعة التذمر وكيفية اكتسابه . فهل هناك علاقة بين ثقافة المجتمع والتذمر؟ وما هو تاثير التنشئة في الطفولة على الخبرات الانسانية؟ انها مجرد اسئلة تنتظر الاجابة.