موقوف
- معدل تقييم المستوى
- 0
بناء الهوية الإيجابية للذات.
بناء الهوية الإيجابية للذات.
من بحث أسس التفكير الإيجابي وتطبيقاته
تجاه الذات والمجتمع في ضوء السنة النبوية.
" هوية الذات هي : الصورة الذهنية التي يحملها الإنسان عن نفسه ، وإحساسه بذاته" ([1]) .
" وللهوية الأثر الكبير في تحديد فكر الإنسان وقيمه وسلوكه ، ونظراً لقوة تصورك الشخصي لذاتك فإنك دائماً ما تؤدي سلوكاً خارجياً يتفق مع صورتك لذاتك داخلياً "([2]).
لذلك جاءت الأحاديث الشريفة لترسيخ الهوية الإيجابية وربطت كثيراً من أعمال الإنسان بها فمن ذلك قوله r :" المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "([3]) ،
ويرسخ النبي r الهوية الإيجابية عند النفس المؤمنة من خلال ما يصدر عنها من أفعال ينبغي أن تطابق ما دلت عليه الهوية التي يحملها المؤمن فعن أبي شريح الخزاعيt أن النبي r قال : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه "([4]) ، فانظر كيف ربط النبي r بين الأفعال إيجابية والهوية الإيجابية .
وعندما طلب منه أحد الصحابة أن يختصر له الأمر أرشده إلى تحديد هوية إيجابية يتبعها فعل مستمر على المنهج الذي تحدده تلك الهوية فعن سفيان بن عبد الله الثقفي t قال قلت يا رسول الله : قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً بعدك ، قال : قل : آمنت بالله فاستقم "([5]) ، قال المناوي في شرح الحديث :" قل آمنت بالله أي جدد إيمانك بالله ذكراً بقلبك ونطقاً بلسانك بأن تستحضر جميع معاني الإيمان الشرعي ثم استقم أي إلزم عمل الطاعات والانتهاء عن المخالفات إذ لا تتأتى مع شيء من الاعوجاج فإنها ضده "([6]).
ويذهب النبي r إلى ترسيخ الهوية الإيجابية في أدنى درجاتها وذلك بحثه لأتباعه من المسلمين بأن يكف الواحد منهم شره عن الناس ( السلوك السلبي ) إذا لم يكن قادراً على عمل الخير لنفسه أو لغيره ( السلوك الإيجابي ) فعن أبي ذر t قال : قلت يا رسول الله: أي الأعمال أفضل؟.
قال :" الإيمان بالله ، والجهاد في سبيله ، قال : قلت : أي الرقاب أفضل ؟ ، قال: أنفسها عند أهلها وأكثرها ثمناً ، قال : قلت : فإن لم أفعل ؟ ، قال : تعين صانعاً أو تصنع لأخرق ، قال : قلت : يا رسول الله أرأيت إن ضعفت عن بعض العمل ؟ ، قال : تكف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك " ([7]).
فجعل النبي r الكف عن السلوك السلبي في حال عدم القدرة على السلوك الإيجابي من أفض الأعمال.
وفي سبيل ترسيخ أدنى هذه المراتب يقول r :" ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت " ([8]).
قال النووي في شرح الحديث :" أنه إذا أراد أن يتكلم فإن كان ما يتكلم به خيراً محققاً يثاب عليه واجباً أو مندوباً فليتكلم وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين فعلى هذا يكون الكلام المباح مأموراً بتركه مندوباً إلى الإمساك عنه مخافة من انجراره إلى المحرم أو المكروه وهذا يقع في العادة كثيراً أو غالباً"([9]).
ونجد النبي r ينبه أتباعه إلى أن السلوكيات السلبية التي قد يقعون فيها هي في حقيقتها مما ينافي كمال استحقاقهم للهوية الإيجابية التي ينسبون أنفسهم إليها كقوله r :" والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، قيل : ومن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه ([10])"([11]).
فجعل السلوك السلبي مناقضاً للهوية الإيجابية للمؤمن الصادق في إيمانه
المفضلات