جاذبية الشخصية خلة رائعة ومرغوبة. وهناك الكثير من المزايا الخاصة التي يمكن الحصول عليها، نتيجة لمقدرتك على اجتذاب الناس نحوك
وبطريقة أكثر تحديدا: إن الأسلوب الذي أدعوك عزيزي القارئ، لإتباعه الآن لا يقوم على اجتذاب الآخرين نحوك، بل يقوم على مبادرة منك في الاتجاه المعاكس. أي بأن تذهب أنت إليهم!
ثم إن المحاضرين منا، الذين اعتادوا على تدريب مندوبي المبيعات، وأين درسوا علم الإدارة: عرف عنهم التشديد على الشعار التالي "لا تكتب رسالة ولا تلغراف... اذهب بنفسك!!!"
هناك منافع كبيرة تكمن وراء هذا الذهاب إلى الآخرين مباشرة وشخصيا!!!
اذهب بنفسك... إلى حيث توجد التجارة والأخذ العطاء!
اذهب بنفسك... إلى حيث يوجد المال!
اذهب بنفسك... إلى حيث يوجد الناس!
اذهب بنفسك... إلى حيث يكون مسرح الأحداث!
اذهب بنفسك... إلى حيث يكون المرح والخيال!
فتش عن مواضع اهتمامات الآخر... وأذهب إليها طارقا بابها بكلامك الخاص. ولسوف يعتقد هذا الشخص أنك من أروع الأشخاص الذين سبق له أن حولهم... السبب: هو أنك تتكلم، مباشرة، في الأمور التي تثير انتباهه، وتذهب إلى النقطة المباشرة التي تستحوذ على اهتمامه، في اللحظة الراهنة.
فتش عن موقع مصلحة الآخر، واذهب إليها مع مصلحتك الخاصة جاعلا مصلحتك ومصلحته واحدة. وعندما توجه مصلحتك في اتجاه مصلحة الآخر، وعندما توحد مصلحتك مع مصلحته، تكون قد بنيت معه تحالفا صلبا، من الصعب أن ينكسر.
فتش عن موقع معتقدات الآخرين وآرائهم، واذهب إليها مع معتقداتك، وآرائك أنت أيضا. ووظف آراءك ومعتقداتك الخاصة لتصديق وتأكيد وتبرير معتقداته. اخلط معتقداتك ومازجها مع معتقداته، لكي تبني معه قلعة من الاعتقاد المشترك. وسيبقى هذا الشخص إلى الأبد حليفا لك في الدفاع عن هذا المعتقد.
فتش عن مواقع رغبات الآخر، واذهب إليها حاملا معك كل ما يحقق، بالضبط، هذه الرغبات، كيا، وبشكل تام... لن تحلم في أن تكون في وضع أشد تأثيرا في الآخرين: من أن تكون في موقع القادر والقائم على تحقيق رغباتهم بالذات... بشكل تام... ومباشر.
إن الأمر ليقتضي منك الكثير التدريب وصقل الشخصية والكثير من المقدرة والفن قبل أن تكتسب ما يكفي من الجاذبية الشخصية لاجتذاب الآخرين وجعلهم يأتون إليك... لكن ذهابك أنت إليهم، لا يقتضي منك سوى الإرادة وبذل القليل من الجهد. وفي كلا الحالين فإنك واصل إلى النتيجة نفسها... ألا وهي حصول التقارب الذي يسمح بالتعاضد، معا، في سبيل تحقيق مصلحة متبادلة.
وحتى تتمكن من الوصول إلى ذلك، عن طريق أي من الأسلوبين، فإن الأمر يقتضي منك مقدرة ورغبة في تكييف اهتماماتك ومصالحك ومعتقداتك ورغباتك مع تلك العائدة إليه، حتى تتمكنا معا من التقدم نحو بناء حلف متين، لتحقيق الهدف الذي جرى رسمه بصورة متبادلة.
إن هذه "الأساليب المجربة في النجاح"، تقتضي منا العطاء الأخذ.
وهي مستندة، ليس فقط على المبدأ القائل: "العطاء خير من الأخذ"، بل على المبدأ الذي يقول أيضا: "من لا يعطي لا يستطيع أن يأخذ".
إن المدير الذي وضع على ظهر مكتبه شعارا يقول: "كن منطقيا.. وأد العمل على طريقتي": ليس مازحا في ما يدعونا إليه.
والمشتري الذي يقول: "هذه هي المواصفات المطلوبة لدينا. وآخر موعد للتسليم هو أسبوعان" ليس مازحا فيما يشترطه علينا أيضا.
والشيء نفسه يصدق على مدير القوى العاملة الذي يقول: "هذه هي المواصفات الشخصية التي نشترطها، في المرشحين لهذه الوظيفة المحددة".
لقد درجت الأمور، في سالف الزمن، أن طريقة النجاح تقوم على السيطرة على الآخرين. أولا بممارسة الضغط والسيطرة عليهم. ثم تطور الأمر إلى ممارسة التأثير فيهم، من أجل جعلهم يقومون بتنفيذ الأمور بحسب الطريقة التي تشتهيها أنت.
أما في أيامنا الحاضرة: فإن طريق النجاح، يقتضي التكيف مع متطلبات وحاجات هؤلاء الذين هم فوقك، والذين يعتمد عليهم نجاحك. فأنت تعدل مسارك في اتجاه اهتماماتهم... وتعدل أهدافك بما يتوافق مع مصالحهم... وتصوب أفكارك بما يعزز أفكارهم ومعتقداتهم... وتضبط رغباتك بما يتوافق ويشبع رغباتهم.
وقد تقول لي: ألا يجعل ذلك مني شخصا هلاميا ضعيف الشخصية، لا هم له سوى إرضاء الآخرين؟ الجواب: كلا إن الأمر ليس كذلك على الإطلاق! فالأمر يحتاج إلى الكثير من قوة الإدارة، لكي تتنازل عن بعض مصالحك ورغباتك، أكثر مما تحتاج إلى ذلك، عندما تحاول أن تفرض هذه المصالح والرغبات على الآخرين- هذا إن استطعت ذلك.
إن الأمر ليحتاج منا إلى طاقة كبيرة، لكي نعدل أهدافنا بليونة، اكثر مما يحتاج منا للسيطرة على الآخرين بعدوانية- هذا إن استطعت ذلك. لأن الحقيقة تقول: إنك لن تستطيع.
أجل، عندما تتعامل مع الناس الذين هم فوقك، والذين يعتمد نجاحك الشخصي على القرارات التي يتخذونها: فإنك لن تستطيع أن تفرض عليهم طلباتك الخاصة، ولا تستطيع أن تسيطر عليهم بطريقة عدوانية، ولن تستطيع أن تعرقل طريق أي منهم نحو هدفه. لذلك لن يبقى عليك سوى أن تتكيف مع طرقهم وأساليبهم.
هذا لا يعني انك لا تستطيع أن تقوم بمبادرات واقتراحات بناءة، عندما تصبح عضوا في الفريق، وعندما تصبح لك يد من الداخل. ففي الحقيقة سوف يطلب منك، وينتظر منك، أن تفعل ذلك. ولكن ليس قبل أن تكون قد أصبحت في موقع من يقوم بالعمل "من الداخل" وعندئذ: بقدر ما تتقدم باقتراحات لتحسين العمل، تزداد سرعتك في التقدم والنجاح.
لكنني الآن سأخلص لك هذا الفصل، زيادة في التأكيد:
- اجتذاب الناس إليك هو شيء عظيم... لكن الذهاب مباشرة إليهم أسرع.
- فتش عن موقع اهتمامات الآخر وركز كلامك على هذه الاهتمامات. بذلك يتحول الآخر بانتباهه نحوك.
- فتش عن موقع مصلحة الآخر. ووائم بين مصلحته ومصلحتك الشخصية.
- وعندما تتحد مصلحتكما، معا، تكون قد أوجدت لنفسك تحالفا لا تنفصم عراه.
- فتش عن موقع اعتقادات الآخر وأفكاره، وزواج بينها وبين اعتقادك وأفكارك، على نحو يبرر ويعزز ويؤكد أفكار الآخر. وستجد فيه حليفا دائما، يدافع عن هذه الأفكار.
- فتش عن موقع اعتقادات الآخر، واذهب، وقدم له ما يشبع وينجز هذه الرغبات.
- تذكر أن عليك أن تعطي حتى تستطيع أن تأخذ.