الأنماط الأربعة للعلاقات الإنسانية
ِ
الإنسان الناجح هو الذي يستطيع أن يوازن بين الأهداف القريبة والأهداف البعيدة ، مطالب الآخرين وحقوق نفسه ،العلاقات مع الآخرين ونتاجه الشخصي .. وتنحصر العلاقات بين الناس في أربعة أنواع رئيسية

أنا أربح أنت تخسر win-lose
هذا النوع من الناس تتنازعه رذائل الأثرة والأنانية في تعامله مع غيره ، وقد يكون هناك جانب من الأمراض النفسية الأخرى مثل الحقد والحسد وكراهية الناس والشعور بالنقص..أمثال هؤلاء لا يعبأون بأهداف الآخرين ولكن يسعون فقط لتحقيق أهدافهم الشخصية ، حتى ولو حساب سعادة ومكاسب واستقرار أطراف أخرى .. من أمثلة ذلك : سعي أحد الموظفين للحصول على مكافأة ليست من حقه أو التقرب من مديره على حساب تشويه سمعة زملائه أو بالقفز على أحقيتهم في بعض المكاسب .

أنا أخسر أنت تربح :lose- win
هذا النوع من الناس غالباً ما يوجد في نفسه من الضعف ما يسمح له بتحقيق أهداف الآخرين على حساب أهدافه الشخصية . وقد يكون هذا الضعف من سبيل حب الخير للناس بطريقة لا تلتزم الحق الواجب لله والأهل والنفس كما نص عليها في الأثر ، كما أنه قد يكون من سبيل الخوف على ما في يد الإنسان من حطام الدنيا الزائل.. وقد يكون مظهراً من مظاهر التضحية .. إلا أن التضحية يجب أن تكون في سبيل تحقيق أهداف مشتركة وليست في سبيل تحقيق أهداف فرد على حساب الآخرين ، حتى مع تحقيق هذا الهدف المشترك فإنه لا يجب أن يكون على حساب خسارة أحد الأطراف ..فمثلاً العامل الذي يعمل 15 ساعة يومياً ماذا يكون موقف صاحب العمل منه؟؟ طبعاً هذا العامل يُعد شخصاً منتجاً ، وقد يحقق إنتاج ثلاثة أشخاص يومياً ، والذين في قلبهم طمع من أصحاب العمل لا يأمرونه بالعودة إلى منزله بعد انتهاء وقت العمل؟
هل هذا العامل يعد إنساناً ناجحاً؟ ماذا عن علاقته بأهله ؟ ماذا عن علاقته بأبنائه؟ ماذا عن علاقته بذوي رحمه؟
هل جهازه العصبي يتحمل العمل على هذا المستوى المتواصل ؟ وهل جسده يتحمل هذا الجهد دون ترويح رياضي؟
الذين عندهم أمانة من أصحاب العمل يأمرون أمثال هؤلاء بما نصح به سلمان الفارسي أخاه أبو الدرداء حين قال: (إن لربك عليك حقاً ، ولأهلك عليك حقاً ، ولنفسك عليك حقاً ، فاعط كل ذي حقٍ حقه ) هناك أيضاً دافع أخرى لهذا النوع من العلاقات غير الضعف والتضحية هي المجاملات غير المحمودة ، رجاء المصلحة القريبة أو البعيدة مما يدخل في إطار النفاق المذموم .. وعلى هذا فمن الأفضل أن يكون سلوكنا متوافقاً مع سلوك الآخرين فيما يكفل الحق للجميع ، أما إذا لم يتوافق سلوك الآخرين معنا وكان منحرفاً عن الطريق زائغاً عن الصواب فيجب أن يتم تحذيرهم بالحسنى وأن يغيروا من نمط سلوكهم بما يكفل الحقوق لنا ولهم ، فإذا لم يجدي كل ذلك فما علينا من حرج إن قطعنا بعضاً من هذه العلاقات الفاشلة ، وفي ذلك تتفاوت عزائم البشر ، ولنا في سيدنا إبراهيم عليه السلام أسوة حسنة حيث تكرر استغفاره لأبيه كثيراً ودعوته إلى الحق لكن. {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} (التوبة/114 )

أنا أخسر أنت تخسر : lose- lose
هؤلاء هم السفهاء في كل زمان، ليس لأحدهم هدف حقيقي يسعى إليه وهو مع ذلك يعوق الآخرين عن تحقيق أهدافهم بل لا يستحي أن يساهم في تدميرها حتى يصبح الجميع مثله بلا إنجاز ..! هؤلاء هم المثبطون وأعداء النجاح، متصيدي العثرات والثغرات السقطات ليجعلوا منها خطيئة لا تغتفر، هم لا يقضون أوقاتهم مشغولين بما لديهم من عيوب يعملون على إصلاحها ولكنهم يجعلون عيوب الناس شغلهم الشاغل وتصيد مواطن زللهم كل ما يرجونه من آمال، حتى يبنون لأنفسهم الشهرة على حساب هفوات العظماء وزلات العلماء

أ نا أربح وأنت تربح : win- win
هؤلاء هم الذين يستطيعون تحقيق التوازن المطلوب في العلاقة مع الذات ومع الأهل ومع الله عز وجل، ويتمكنون من تحقيق التوازن بين الأهداف الشخصية وأهداف الآخرين في سياج من العدل يحمي حقوق الجميع، وهذا النوع من العلاقات يعتمد على أن يفهم كل منهم ما يريده الطرف الآخر وأن يحاولوا الوصول إلى أفضل الوسائل وأعدلها لتحقيق أهداف كل طرف، وإذا وجد أن هناك تضارباً في المصالح بحيث يكون هناك حق مهضوم أو واجب منسي، فإن عليهم الوصول إلى حلٍ وسط يرضي الجميع .