موضوع قل أن يتناوله أحد رغم كثرة ما نفعل الأول و نقع فيه و احتياجنا للثاني و قلة فعلنا له
ترى ما الفرق بين جلد الذات و نقد الذات !! و ما أهمية هذا الفرق؟
الفرق كبير .. و البون شاسع .. و الأهمية عظيمة !!
كيف ذلك؟
تعالوا نستعرض الاثنين و نرى ذلك سويا
جلد الذات:
**********************
شعور سلبي يتنامى دائما في أوقات الهزائم و الإحباطات بسبب مناخ الهزيمة عندما يخيم على الأجواء بحيث تتوارى النجاحات (و التي غالبا ما تكون قليلة أو باهتة) و يتصدر الفشل واجهة الصدارة .
و الشعور السلبي المتمثل في جلد الذات ينبع من رغبة دفينة بالتغلب على الفشل و لكن ليس عن طريق مواجهته و إنما بالهروب منه (أو ما يعرف بالهروب إلى الداخل حيث ينزوي الإنسان و يتقوقع داخل هذا الحيز الضيق من الشعور بالعجز و الفشل) و ذلك لعجز الفرد (أو الأمة) عن إدراك مواطن قوته و مواطن ضعفه و أيضا مواطن قوة و ضعف أعداءه (أو تحدياته) و يسرف بدلا من ذلك في تهميش كل قوة له و يعطى لعدوه (أو تحدياته) قوة أكثر بكثير مما هي عليه في الحقيقة
و كما ترون فجلد الذات هو حيلة العجز و مطية الفشل و مهرب الجبن
و دائما ما تكون هناك حجج لتبرير الشعور بالعجز ذات أسماء براقة للتمويه و خداع النفس (أو خداع الآخرين) مثل الواقعية أو مسايرة الأحداث أو الرضا بالأمر الواقع.
فإذا كان الضعف و الهزيمة النفسية و المعنوية (و ربما الحسية) هما الدافعان لجلد الذات .. فما غاية و منتهى جلد الذات؟
الغاية و المنتهى هما التقوقع و الانحسار داخل بوتقة الانهزام مرورا بفقدان الأمل وصولا إلى فقدان الرؤية و الطموح و انتهاءا بالتلذذ باجترار مرارة الألم حتى إدمانها يصاحبها احساس الضحية الذي لا يلزمه فعل شيء فهو "ضحية" و غيره هو الملام.
نقد الذات:
********************
شعور إيجابي ناضج يتلمس معرفة مواطن القوة و مواطن الضعف بصدق و موضوعية أي أنه يقيسها و يقيمها و لا يهمشها أو يتخيلها. و نقد الذات ليست له أوقات محددة و لكن له عقليات محددة تجيد قراءة نفسها و محيطها و بالتالي لا تخشى مواجهة الأعداء أو التحديات و إنما تأخذ بأسباب النجاح و الوصول إلى الهدف عن طريق التخطيط الجيد و الاستفادة من أخطاء الماضي.
و نقد الذات ليس ""هروبا"" إلى الأمام كما قد توحي المقارنة مع جلد الذات حيث أن الهروب إلى الأمام يتضمن بعض الشجاعة و لكنه هروب اليائس من النصر فيفر للأمام لعله يجد حتفه فيرتاح أو لعله لم يجد مهربا إلى الخلف ففر للأمام.
و نقد الذات يسد الطريق على الهزيمة النفسية التي تأتي من الاستسلام لنوازع و دواعي الفشل و يزرع في النفس (و في الأمة) بذور المقاومة و الوعي و يمدها بالمناعة و التحصينات اللازمة لمقاومة أعدائها و مجابهة تحدياتها.
و نقد الذات لا يحتاج إلى حجج أو مبررات أو تسميات و إنما يستمد قوته من احساس داخلي عميق بالقوة و بالقدرة على المواجهة نما من يقين و إيمان تام بأن أسباب القوة و المواجهة المظفرة كامنة في النفس تحتاج فقط لمجرد استنفار و ليس إيجاد من عدم.
والشعور الإيجابي المتمثل في نقد الذات ينبع من إيمان صادق و مبدأ ثابت و رغبة حقيقية في النجاح مما يعطيه الدفعة و القوة و "الثقة" للوصول إلى الهدف و الهدف هنا هو القناعة الذاتية و التثبت الداخلي من توفر إمكانية النصر و كسب التحديات و هى الركن الركين و أهم أسباب القوة فعندما يعرف عدوك أنك لا شك منتصر فمن البديهي أن يوقن أنه لا شك منهزم.
و بتطبيق هذه المقارنة على أحوال الأمم فستعرفون بمنتهى البساطة من هي الأمم الفاعلة و من هي الأمم المفعول بها !!
و بدوران عجلة الزمان فقد تتحول إحدى الأمم من إحدى الصورتين إلى الأخرى (و القاعدة تسري على الأفراد أيضا).
فهل آن لمن يجلدون أنفسهم أن يبصروا العاقبة .. و أن نقد الذات هو المخرج لمن أراد أن يبحث عن مخرج
المفضلات