تعد مادة الرصاص ومركباتها من أكثر الملوثات خطراً على صحة الإنسان، كما أنه من الملوثات السامة بيئياً، حيث تعتبر مشكلة تلوث الهواء من المشاكل الهامة التي يواجهها الإنسان في هذا العصر ، ومن أهم التحديات لكافة دول العالم ، خاصة الدول النامية، واليمن التي تعد ضمن ترتيب الدول الأقل نمواً والأكثر فقراً عالمياً لا تزال من بين 4 دول عرضة للمخاطر صحياً وبيئياً واقتصادياً بسبب إضافة مادة الرصاص للمشتقات النفطية المستهلكة محلياً. فالبنزين ومشتقات نفطية أخرى تحتوي على مادة الرصاص السام. في حين غالبية خطت دول العالم خطوات حاسمة للتخلص من استخدام هذه المادة، وأنفقت مبالغ مالية كبيرة لتحقيق هذا الهدف، تمثلت في بناء وحدات جديدة قادرة على إنتاج البنزين الخالي من الرصاص، وبدرجة أوكيت تتعدى الـ(90) وحدة، أي ما بين ( 93-98 ) وحده
تعريف مادة الرصاص الرصاص هو أول المعادن التي صهرها الإنسان، ويرجع أول استخدام أكسيد الرصاص في صقل الفخار إلى العصر "البرونزي"، أي منذ حوالي 5500 سنة، ويرمز للرصاص بالرمز (Pb)، والرصاص معدن لين مرن لونه أبيض مزرق، قابل للتشكيل والطرق، وهو موصل رديء للحرارة ومقاوم للتآكل، وتحتوي خامات الرصاص عادة على عناصر الكبريت والزنك والنحاس، ومن أهمها وجوداً في الطبيعة خام ( جالينا) الذي يتركب من "كبريتيد" الرصاص. ويوجد الرصاص في صور مختلفة، منها أكاسيد الرصاص، وتشمل أول أكسيد الرصاص وهو أكثرها استخداماً في صناعات الرصاص غير العضوية، كما يستخدم في تصنيع ألواح البطاريات والسيراميك.وأكسيد الرصاص الأحمر وتستخدم في التشحيم. ويتواجد الرصاص في صورة أملاح ومنها كبريتات الرصاص وسيليكات الرصاص وكرومات الرصاص..
تأثير الرصاص على البيئة أجمع العلماء وخبراء البيئة في العالم على أن الرصاص ملوث رئيسي وخطير للبيئة، حيث يعد رابع "ميثيل" الرصاص ورابع "إيثيل" الرصاص من الملوثات الرئيسية للهواء، وهذان العنصران اللذان يضافان إلى وقود السيارات منذ نحو 70 سنة لتحسين كفاءة الوقود في إدارة المحركات، ويمثل الرصاص الخارج من عوادم السيارات والمحركات التي يفرزها الاستهلاك. وغالباً ما يكون في صورة "بروميد" الرصاص أكبر ملوث لأجواء المدن ذات الكثافة العالية من السيارات، ويكون الرصاص الناتج من العادم معلقاً ضبابياً، بحيث يبقى عالقاً في الهواء لفترة زمنية طويلة.
لا يحترق وقود السيارات ذو الرقم الأوكتيني المنخفض، لذا فله تأثير مدمر للبيئة، فهو يسبب الاحتباس الحراري نتيجة تدمير طبقة الأوزون، وذلك بسبب احتوائه على "ذرات الكربون" ويتسرب إلى باطن الأرض فيدمر التربة، من خلال تدمير عناصر الخصوبة فيها. وبالإضافة إلى الأضرار البيئية هناك خطر أكبر، يتمثل في الأضرار الصحيحة التي تنتج من مادة الرصاص المضاف للبنزين.
الأضرار الصحية للرصاص المضاف للبنزين يتسرب الرصاص إلى جسم الإنسان عن طريق الجهاز التنفسي من خلال التنفس المباشر واستنشاق الهواء ثم ينتقل إلى الجهاز الهضمي مع الطعام والشراب، ومن خلالهما يصل إلى الدم، وعادة ما يذهب إلى المخ ويترسب في العظام والأسنان.
والرصاص سام لكثير من أعضاء الجسم حيث أن ارتفاع معدلاته في الجسم تتسبب بحدوث "أنيميا" ونقص في الدم، وقد يحدث تلفاً شديداً للكلى والكبد والمخ والجهاز العصبي المركزي والمحيطي، ويصحب التسمم بالرصاص حدوث تقلصات في البطن مصحوبة بالآم شديدة، وقد يحدث مغص كلوي والتهاب مزمن، وقد ينتج عنه فشل كلوي يزداد وضوحاً عند الإصابة بالنقرس، كما يتسبب الرصاص في حدوث التهاب كبدي ويتطور إلى تليف كبدي ودوالي في المريء، كما يؤثر على الجهاز العصبي فيحدث لدى المصاب شعور بالإرهاق والخمول وتوتر والتهاب في الأعصاب وقد يصيب القلب بتليف.
الأطفال أكثر تأثراً بالرصاص يختلف الأشخاص في مستوى تأثرهم بالتلوث البيئي من الرصاص، غير أن أكثرهم تأثراً هم الأطفال والأمهات الحوامل، نظراً لقابليتهم المرتفعة لامتصاص عنصر الرصاص المتصاعد من عوادم السيارات، فيظهر على صغار الأطفال نقص في معدلات الذكاء مع صعوبة في التركيز قد تصل بهم إلى الإصابة بحالات التخلف العقلي، ويرجع ذلك إلى ترسب الرصاص في المخ/ وما يحدثه من إعاقة لنمو خلايا المخ وباقي الجهاز العصبي، كذلك فإن النمو العام للطفل يتأثر بذلك وقد وجد العلماء أن ارتفاع معدلات الرصاص عند الحوامل تؤدي إلى نقص أوزان أجنتهن، وقد ينتج عن هذا التلوث بالرصاص المضاف إلى البنزين ولادة أطفال متخلفين عقلياً أو مشوهين.
ويتميز الأطفال عن الكبار في تعرضهم للسموم التي تفرزها مادة الرصاص المصاحبة للبنزين بسرعة وبكمية امتصاص أعلى، كما أن أجسامهم تنمو بسرعة، وأجهزتهم غير متكاملة، لذلك هم أكثر عرضة للمخاطر الصحية.
وفي دراسة لمنظمة الصحة العالمية تبين أن تركيز الرصاص في دم الأطفال يعادل 25 مكرو جراماً/100 مللتر كحد فاصل لظهور الآثار السلبية. وفي دراسة أخرى أجرتها الهيئة العامة للبيئة أظهرت أن الأطفال أكثر عرضة بالإصابة بأمراض عديدة، بسبب مادة الرصاص المضافة إلى النفط ومشتقاته، ومنها التأثير على المخ والجهاز العصبي –التخلف العقلي عند الأطفال- التأثير على جهاز المناعة وأشدها وأخطرها الإصابة بالسرطان. كما وأنه لا توجد معايير محددة للتعرض لهذه الأمراض بسبب الرصاص.
تحقيق فهد جبران
صحيفة الغد الأسبوعية..اليمن
الإثنين , 12 نوفمبر 2007 م
الموت القادم من العوادم والسيارات
التحقيق كاملا في الملف المرفق
التعديل الأخير تم بواسطة نادية أمال شرقي ; 25-May-2009 الساعة 03:46 AM
المفضلات