التفكير المعلّب:
أصحاب هذا اللون من التفكير هم أولئك الذي يستنتجون قواعد عامة من حوادث شخصية ، أو تجارب ناقصة ، أو ملاحظات سطحية ، فيخلصون منها إلى تعميمات متسرعة ، وأحكام جاهزة ، وقوالب جامدة ، وهم لا يعترفون بتغير الظروف والملابسات ،... وترى الواحد منهم يسألك عن مسألة شائكة ويطالبك بجواب يتلخص بنعم أو لا!! ، وإذا خالفته قاطعك ، وحسم القضية بقوله: »إن المسألة كلها تتلخص في...« ، ثم يصدر حكماً نهائياً...وربما التفت إليك مستطيلاً حديثك، مستغرباً عجزك عن حسم المسألة،ومستجدياً عينيك نـظـــــرة إعجاب وإكبار على قدرته الفائقة على الحسم!!.. إن نتائج تفكير أولئك أشبه ما يكون بما نخرجه من جوف المعلبات التي نشتريها من الأسواق(14)!!
تطبيقات عملية:
وقبل أن أعرض للمنهج العلمي في التفكير ، ومن أجل استفادة تطبيقية أكيدة من الموضوع، أرجو أن نفكر (فـرديــاً وجـمـاعـيــاً) بشكل جاد ومكتوب ومتكامل في إيجاد حل للمشاكل التالية:
التطـبـيـق الأول: اكتشف الأستاذ أحمد مدير التسويق في شركة ناجحة أن ابنه البالغ من العمر (16) ســنة يتعاطى الدخان ، وتفاجأ أحمد بمثل هذا الخبر ، وبدأ يتساءل... حقاً إنها مشكلة خطيرة.. ولكن كيف؟ فأنا لا أتعاطاه ولا أحد إخوته!!... ومضى في حيرته... (مع العلم أن أحمد يمنح ابنه مصروفاً مدرسياً قدره خمسة ريالات يومياً).
التطبيق الثاني: أذهــل الجـمـيـعَ... الأستاذ حـسـن! كيف يطلب من مديره الموافقة على انتقاله من القسم الذي خدم فيه طيلة 17 سنة ، والـذي أتـقــن جميع الأعمال المتعلقة به لدرجة أصبح معها مرجعاً ومستشاراً!
حاول المدير ثنيه عن طلبه بحجة عدم وجود من يخلفه في قسمه، بالإضافة إلى عدم إتقانه لأعمال القسم الآخر..
الـتـطـبـيـق الثالث: طـلــب المعلم من أحد تلاميذه الذي أخفق في الاختبار كشرط لاجتياز المادة: أن يرسم خطين متـساويين ويضع في طرفي الخط الأول رأس سهم ، وفي طرفي الثاني مقلوب رأس سهم ، وأعطاه مسطرة. فقام التلميذ برسم هذين الخطين كما يلي:
<---------------->>-----------------<
الأول الثاني
صعق المعلم! وصرخ في التلميذ: تستحق الرسوب بجدارة!
هـل تـوافـقــه على مــا ذهــب إليه؟ وهب أنه يعنيـك أمر ذلك التلميذ.. هـل ثمة مساعدة يمكنـك تقديمها له؟!
ملاحظة: ستتم مناقشة تلك التطبيقات في الحلقة القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ.
الهوامش :
(1) محمد عبد الباقي ، المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ، ص666 ـ 667.
(2) د. إبراهيم أنيس ، المعجم الوسيط ، مادة فكر ، ص698 ، وانظر: المنجد في اللغة والإعلام ، مادة فكر ، ص591.
(3) د. محمد الشنيطي ، أسس المنطق والمنهج العلمي ، ص137.
(4) د. محمد نجاتي ، علم النفس في حياتنا اليومية ، ص258.
(5) د. عبد المجيد نشواتي ، علم النفس التربوي ، ص373 ـ 402 ، وانظر جيفري ديدلي ، كيف تضاعف قدرتك على الدراسة والنجاح ، ترجمة د. عمر علي ، ص13 ـ 46 ـ 90.
(6) د. مالك بدري ، التفكر من المشاهدة إلى الشهود ، (المعهد العالمي للفكر الإسلامي ، فيرجينيا ، ط3) ، ص26 ـ 27.
(7) د. حمد المليجي ، علم النفس المعاصر ، ص167 ـ 168.
(8) (هذا التقسيم ليس عضوياً ـ فسيولوجياً ـ وإنما هو اصطلاحي من أجل التوضيح) د. عيسى الملا ، الإنسان والتفكير الإيجابي ، ص54 ـ 62.
(9) هنري هازليت ، التفكير علم وفن ، ترجمة د. حامد العبد ، ص73 ـ 80.
(10) كيف تضاعف قدرتك على الدراسة والنجاح ، ص96 ـ 110.
(11) أرنست دمينة ، ترجمة رشدي السيسي ، فن التفكير ، ص129 ـ 132.
(12) رواه مسلم (19) ، أبو داود (4091) ، والترمذي (1999).
(13) د. محمد الخطيب وآخرون ، التفكير العلمي ، لدى طالب التعليم العام في المملكة العربية السعودية.. الواقع والطموحات ، ص52 ـ 53 ، د. جليل شكور ، كيف تجعلين ابنك مجتهداً ومبدعاً ، ص65 ـ 67.
(14) د. ر. جبسون ، كيف تفكر ، ص69 ـ 81.