وفي نفس النقاش المسجل قال فضيلة الشيخ د.عوض القرني (وهو مدرب معتمد للبرمجة):

"هل ما نمارسه نحن هو البرمجة اللغوية العصبية؟


إذا كانت الإجابة نعم، فما هي المآخذ على ما نمارسه؟

وإن كانت الإجابة لا، إن الذي نمارسه وندرب عليه ليست هي البرمجة اللغوية العصبية، فنتحاور إذن حول ماهية البرمجة اللغوية العصبية، حتى يكون موضع الحوار محددا.. أما إذا كنت أنا أمارس شيئا، وأنت تتحدث عن شيء، ثم ينقل هذا الشيء تحت لافتة ما أمارسه أنا، فهذا غير صحيح!".

وقال الشيخ عوض أيضا: "أنا لا أستطيع أن أقيّم الكلام الذي ذكره الدكتور عبدالغني، وخاصة أنه تكلم عن موضوع جديد، لكن ما أستطيع أن أقوله هو أنه وحتى الآن لم يتحدث عن البرمجة اللغوية العصبية لا من قريب ولا من بعيد.. النيوإيج يا أخي غير البرمجة التي نتحدث عنها، أنا أقول كمتخصص في البرمجة ومدرب فيها: إن هذا الكلام الذي ذكر لا علاقة له بما نبحثه اليوم! لقد قال د.عبدالغني في معرض كلامه إن أصحاب النيوإيج يستخدمون البرمجة لإقناع الناس بمذاهبهم، وهذا أمر متوقع، كما أنني أستخدمها لإقناع الناس بالحق الذي عندي والدين الذي أحمل أمانة نشره، كما أن اللغة التي فطرنا الله عليها استخدمت للإقناع بالحق، ويستخدمها اليهود للإقناع باليهودية، ويستخدمها النصراني للإقناع بالنصرانية، ويستخدمها الملحد للإقناع بإلحاده.. اللغة، اللسان، الكلام، الصوت أية وسيلة من الوسائل.. وبالتالي هذا الكلام لا يؤثر على (البرمجة) ولا يجعلها مرفوضة لأن أصحاب النيوإيج يستخدمونها..!".
يجمعون الأشتات في سلة واحدة



هذا حالنا مع إخواننا الذين يهاجموننا ولا يريدون منحنا الوقت الكافي لنبين لهم ما نحن عليه، ويصرون على خلط أوراقنا بأوراق غيرنا ممن يقدمون دورات الريكي والماكروبيوتيك وغيرها، ولا أدري ما علاقتنا بأصحاب تلك الدورات، سوى أنهم قد وُجدوا في نفس الفترة التي وُجدنا فيها، أو أنهم يستأجرون نفس القاعات التي نستأجرها لتقديم دوراتهم، أو أن ما يقدمونه اسمه "دورات" وما نقدمه اسمه "دورات" أيضا..! أيكفي هذا لتصبح الأحجار الملونة، وطاقة الأهرام الكونية من تطبيقات البرمجة اللغوية العصبية؟! أليس مثيرا للكثير من الضحك هذا الربط العجيب، والخلط الأعجب بين الأمور؟


إن هذا - تماما - كمن يقول: لقد انتشرت في بلادنا حوادث التفجير الانتحارية وحلقات تحفيظ القرآن الكريم (وهو لم يكذب في شيء) أو يقول: لقد شاع في بعض مجتمعاتنا الجهل والتخلف وغطاء وجه المرأة (وهو لم يكذب في شيء) أو من ينظر في عيني شخص ويقول له: سبحان الذي خلق الحمار وخلقك (وهو لم يكذب في شيء).. ما الفرق بين هذه الأقوال الظالمة،


وقول أختنا الفاضلة فوز كردي في ختام مقالها المخصص عن البرمجة اللغوية العصبية، وهو كلام مليء بالعبارات الإنشائية، مفعم بالأسى والحزن على حال الأمة، زاخر بالنصوص الشرعية الصحيحة في ذاتها، والتي أنزلت في سياقات ظالمة، وهو أيضا عجيب غريب في خلط أوراقنا بأوراق غيرنا، وإلقائنا معهم في سلة واحدة.. فعجبا.. عن أي شيء تتحدث الأستاذة فوز إذ تقول بأسلوب أدبي وعظي مؤثر:

"... لذا أوجهها دعوة في الختام.. لا بد من التوقف للتبصر والتأمل في حقائق هذه الوافدات التي تتزيا بزي العلم، وتتشح بوشاح النفع والفائدة، فقد كان الوقوف منهجا متبعا عند أخيار الأمة - رضوان الله عليهم - على امتداد التاريخ، وبخاصة عندما تشتد المحن، وتدلهم الفتن، وتختلط الأمور، ويشتبه الحق بالباطل.. عندها تشتد الحاجة إلى الوقوف.. لطلب العون من الله ولاستبصار حقائق الأمور، وتبين طريق الحق.. واللسان يلهج داعيا بقلب مخبت متضرع: (اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه) (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) (اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).. حتى لا يكون رائد الرأي والحركة والتوجه الهوى لا الحق. يقول الحسن البصري: (رحم الله امرأ وقف عند همه، فإن كان لله أمضاه وإن كان لغيره توقف).


لابد أن نتذكر من نحن في تيار الحياة الصاخب، وما هي حضارتنا في ميزان الحضارات، فواقعنا يحكي قصة حزينة تختلط فيها الدموع بالدماء على هزائم مادية أُنهكت فيها قوانا، وضُرب اقتصادنا، وشُتت شملنا، ومُزقت أجسادنا، وانتُهكت أعراضنا، وهدمت مساجدنا.. وإن وقف الأمر عند حدود ضياع دنيانا، فلا والله لسنا طلاب دنيا.. وسنظل شُمّ الأنوف ما بقي لنا اعتزازنا بانتمائنا، واستمساكنا بالذي أُوحي إلى نبينا.. أما أن تهزم نفسياتنا، وتتزعزع ثقتنا بمنهجنا، وننظر بتشوّف إلى عدونا مستلهمين نهجه، متتبعين خطاه، مقلدين سلوكه؛ فهذه والله الهزيمة، وهذه هي المصيبة.. كيف ارتفع الأقزام إلى مقام القدوة فأصبح المهتدون يتسابقون للاقتداء بالمغضوب عليهم والضالين..
فالتفكير على الطريقة المادية النفعية..


والتغذية على الطريقة الماكروبيوتيكية، ولابد فيها من وصفة (الميزو) الذهبية..
والتأمل والتفكر على الطريقة البوذية، لابد منها لتحقيق الأخوة الإنسانية..
والصحة واللياقة على الطريقة الطاوية، وفلسفات الشنتوية..
والتفاؤل والإيجابية على طريقة أهل البرمجة اللغوية.. لابد منها لتكوني قادرة وقوية..

عجبا ألم يأتنا بها الحبيب صلى الله عليه وسلم بيضاء نقية!

فلنعش حياتنا على هدى الإسلام، ممتنون للملك العلام، مقتفون خطى خير الأنام، مستغنون بنعمة الله علينا بإكمال الدين وتمام النعمة، عن فتات موائد اللئام.. ووالله لن نكون - ونحن مستمسكون بهذا المنهج - بحاجة إلى وصفات غربية، وفلسفات شرقية، ووجبات ماكروبيوتيكية، ودعاوى الطاقة الكونية، ولا إلى استرخاء أهل البرمجة العصبية..

فوالله إنهم لا يملكون مثل ما عندنا من المنهجية، وليس لديهم ما عندنا من الخطوات الإيجابية التي تقود برحمة الله إلى السعادة الأبدية، قال شيخ الإسلام: (من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية). وعندها سنكون حقاً قد أخذنا بأسباب الهداية إلى طريق المهتدين، مجتنبين طريق المغضوب عليهم والضالين، متميزين عن أصحاب الجحيم في منهجنا وطريقنا في دنيانا وأخرانا" ... "ومن هنا فإنني أوجز رأيي في البرمجة اللغوية العصبية في جملة واحدة هي: لا للبرمجة، ونعم للإرشاد النفسي الاجتماعي الصحيح)."



غفر الله لك ..

غفر الله لك يا أخت فوز.. إن كلامك ليدمي القلب، ويحرك المشاعر، ويقفّ منه شعر الرأس ألما على واقع الأمة، ولكن بالله نسألك: ما علاقة ما ذكرته من أن البرمجة "تدعو للتفاؤل والإيجابية" (وهذا صحيح) بقائمة الميزو والطاوية والشنتوية وأخواتها؟! وما فرق أسلوبك عن أسلوب الذين يقرنون في السياق بين الحديث عن انتشار التفجيرات وحلقات تحفيظ القرآن الكريم (وكلها انتشرت فعلا) أو الحديث عن شيوع الجهل والتخلف وغطاء وجه المرأة؟ (وكلها شاعت فعلا)؟! أما والله لو نقلت في مقالك كتب السلف في القرون الثلاثة، وكتب شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم والأئمة الأربعة لما زادنا ذلك إلا حسرة أن يكون بين إخواننا من يتبع مثل هذه الأساليب في خلط الأمور!


أعود لأقول: إن ما يقوم به إخواننا المهاجمون من شحن مقالاتهم الإنشائية بسيل عارم من آيات الوعيد، وأحاديث التخويف، ومقولات السلف في التشنيع على أهل الزيغ والضلال..

يجعل الفرائص ترتعد حتى ولو لم يعرف القارئ شيئا عن الموضوع المطروح، وأنا أقول لمن كتب هذه المقالات ومن قرأها:

ما فائدة أن تكتب رسالة طويلة لأحد المسلمين.. مشحونة بالوعيد الشديد من الكتاب والسنة وأقوال السلف لمن شرب الخمر، وتنشر هذه الرسالة بين الناس.. وكل ذنب صاحبها أن جاره يشرب الخمر! أليس هذا من الظلم لأخيك المسلم، والتعريض به لأمر لم يفعله؟! ...

حسبنا الله ونعم الوكيل.

باختصار شديد


قبل أن أنتقل لمناقشة الاعتراضات التي أوردها الإخوة على البرمجة (مما له أصل في الواقع) أريد أن أؤكد أن ما سبق ذكره من الاتهامات لا يحتاج لأكثر مما قمت به من نفي علاقتها بالبرمجة، ومن إبداء الاستغراب الشديد لإصرار إخواننا (الشديد) على تحويل البرمجة إلى موضوع عقدي، مع أنهم لم يفعلوا ذلك مع علم النفس وعلم الاجتماع وغيرها..

وأما مناقشة ذات الاتهامات فلسنا بحاجة لها، لسبب بسيط، هو أننا لا نختلف مع إخواننا على بطلان الشامانية والنيوإيج والسحر والشعوذة، ونساعدهم بما نستطيع على دفع شرور هذه المصائب عن الأمة، وما يهمنا، وما آمل أن يكون قد تحقق، هو بيان أن البرمجة التي درسناها في مهدها، وندرسها في ديارنا لا تمت بصلة لهذه العقائد الفاسدة، إلا كصلة النصرانية بعلم الطب.


قواعد شرعية منهجية


وفي ختام هذا المبحث،

أود التذكير ببعض القواعد الشرعية المتفق عليها، والتي خالفها إخواننا مخالفة صريحة،

فمن المعلوم أن (الحكم على الشيء فرع عن تصوره) وإخواننا حكموا ونحن ندين الله تعالى بأنهم لم يتصوروا التصور الصحيح، والقول في هذا قولنا لأننا تعلمنا هذا العلم ولم يتعلموه و:

(من علم حجةٌ على من لم يعلم). وهم يأخذون مما يبلغهم من كلامنا مفاهيم ودلالات يبنون عليها أحكاما نحن نصرح بخلافها، ولا عبرة للدلالة في مقابلة التصريح) وكذلك فإن إخواننا حملونا أوزار قوم لا علاقة لنا بهم، والله تعالى يقول: (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وأخيرا، فإن (الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها) وإن هذا العلم وإن كان نشأ في بلاد الكفار، فإنه علم حيادي لا يضرنا كفر صاحبه، أو كفر من استخدمه، كما لا يضر الآلة كفر صانعها أو كفر من استخدمها،

ولو كان قولنا صحيحا في تحريم البرمجة لأن الشامانية أو النيوإيج استخدموها في الدعوة لدياناتهم، لكان قولنا صحيحا في تحريم علم النفس لأن النصارى استخدموه في الدعوة لديانتهم، وكما أنه لا يمنعنا من الاستفادة من علم النفس أن اليهود يستخدمونه في تعذيب إخواننا والتحقيق معهم في سجون الاحتلال، ولا يمنعنا من الاستفادة من برامج الحاسوب أن هنالك من يبرمج (فايروسات) مدمرة للمعلومات، فإنه لا يمنعنا من الاستفادة من البرمجة أن هناك من يستخدمها استخداما ضارا سيئا.. والله تعالى أعلم.



سلبيات الممارسات الواقعية


بعد التأمل، تبين لي أن المآخذ التي ينتقدها إخواننا على البرمجة (مما يعود للممارسة الواقعية الواقع) يمكن حصرها في نقاط محدودة، ومعظمها انتقادات بناءة نسعى جميعا لمعالجتها،

ومن أجل ذلك قمنا بتأسيس لجنة متخصصة تضم كلاّ من الشيخ الدكتور عوض القرني والشيخ الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي والدكتور عبدالناصر الزهراني والدكتور محمد فلمبان والأستاذ حسن الفيلالي والأستاذ حسن حداد والأستاذ علوي عطرجي والأستاذ جمال المطير وكاتب هذه الأسطر (عبدالرحمن الفيفي) وما ذلك إلا لأننا نسعى لتصحيح ما قد يقع من الأخطاء، ووضع الآلية اللازمة لتحقيق أكبر استفادة من هذا العلم.


مما تنتقد به البرمجة - حقا - ممارسات أومبالغات خاطئة تصدر عن بعض حديثي العهد بتدريب هذا العلم من الممارسين ، وهذا انتقاد في محله، وإن إقرارنا به، ومعرفتنا بأنه لا يخلو أي علم من بعض هذه الأخطاء والمبالغات (لا سيما العلوم الناشئة) لا يجعلنا هذا نتوانى عن العمل على تصحيح الأخطاء وتكريس الممارسات الصحيحة، ومن أجل ذلك وغيره، أسسنا اللجنة المذكورة.


ولكن يجدر التنبيه هنا أن العاقل عندما يريد التخصص في الهندسة مثلا، فإنه لا يأخذها من ممارسات بعض المهندسين المبتدئين ، بل يأخذها من أصولها التي تدرس في كلياتها، وكذلك فإن البرمجة تؤخذ من أصولها، لا من ممارسات بعض المبتدئين . ومن ناحية أخرى فإن هذه الأخطاء ينبغي أن تؤخذ بحجمها الحقيقي، وألا تصوّر على أنها هي كل البرمجة، لأن التصور الشرعي لا يعتبر الشاذ أصلا، فالقاعدة تقول: العبرة للغالب الشائع لا للنادر.